بين الطقوس والنفوس ماذا تفعل النساء؟

جاد فياض
جاد فياض

بين الطقوس والنفوس، كيف تُكرَّس مشاركة المرأة اللبنانية في الحياة السياسية؟ رغم المطالبات بإقرار كوتا نسائية في لبنان، والمزايدات حول رفع النسب من 10% إلى 30% أو حتى 50%، يفوت المتابع للشأن النقطة الأساس، وهي مدى قابلية المجتمع اللبناني للتوجه نحو إشراك المرأة في الحياة السياسية والاجتماعية، ودعمها في الوصول نحو مراكز صنع القرار.

ذرائع عديدة، وجميعها واهية لا منطق سليماً يحركها، تم استغلالها كعوائق أمام ممارسة المرأة للشأن العام وخوض غمار السلطة في لبنان، ولا تُخفي هذه الحجج خلفها إلا موقفاً رجعياً يدل عن نقص، في وقت تنصّ حرية المشاركة في الحياة السياسية، المطلوبة في سبيل التطبيق الأمثل للديمقراطية، على أهمية هذه االمشاركة المرأة كما الرجل.

منذ أشهر، احتفلت الولايات المتحدة الأميركية، ومعها العالم، بوصول كامالا هاريس، كإمرأة، إلى منصب نائب رئيس البلاد، للمرة الأولى بتاريخ أميركا. وحمل وقوفها إلى جانب رئيسة مجلس النواب الأميركي، نانسي بيلوسي، خلف جو بايدن، الكثير من العبر حول القوة والقدرة التي يتمتعن بها، للاشتراك في الحكم، ووضع السياسات الخارجية.

الكثيرات لمعن في عالم السياسة، وأشهرهن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، التي دخلت إلى كواليسه في العام 1989، ووصلت إلى الموقع الأرفع في ألمانيا كمستشارة، في العام 2005، واستطاعت الفوز بأربع دورات انتخابية متتالية.

تتربع ألمانيا اليوم على عرش الدول الأقوى في أوروبا، ولا شك أن لميركل فضلاً في ذلك. لكن المستشارة الألمانية نفسها استمدت هذه القوّة من شعبها الذي أولاها الثقة في كافة الدورات الانتخابية، وانطلاقاً من هذا المبدأ، بات يمكن ملاحظة الفارق الموجود بين المجتمعات التي أيقنت دور المرأة في السياسة، وتلك التي لم تفقه بعد.

سبق للبنانيات أن شاركن في الحكومات المتعاقبة كما والندوات البرلمانية، إلّا أن غياب الدعم والإيمان بقدراتهن أثر بشكل سلبي على الأداء، إلى جانب الواقع السياسي القائم. ولطالما كانت الأحكام المسبقة موجودة على عملهن، كما لطالما انطلق التقييم من واقعها كـ”امرأة”.

الأحزاب تتحمل مسؤولية كبيرة في كودرة النساء لإيصالهن إلى ميدان السياسة، وفي هذا السياق، خطت بعض الأحزاب قدماً لتعزيز هذه الأمر، إلّا أن القلق من رفض الجماهير لهذه الظاهرة يحول دون الإقدام على خطوات محورية وجذرية، خصوصاً في الأحزاب الطائفية أو الدينية.

المرأة اللبنانية لم تستسلم في معاركها، اختارت دائماً سلوك الطريق الصعب لإثبات نفسها، عبر المشاركة في الجمعيات الحقوقية والإتحادات والنقابات العمالية، وهي باتت موجودة في مختلف الحقول، كما وفي صفوف النضال الأولى، وتنجح في تقديم نفسها كمرشح طبيعي لكل موقع في الدولة.

تكريس مشاركة المرأة في السلطة عبر القوانين أمر مهم، إلا أن الأهم يكمن في ترسيخ فكرة قدرة المرأة على الإنتاجية والحكم، وتقديم الدعم الكامل لها. أما أرقى درجات عدم التمييز فتكمن في التوجه نحو اختيار الأفضل اعتماداً على الكفاءة، بعيداً عن الجنس أو الطائفة.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً