عون وأيام العهد الأخيرة… فتيل بدأ اشتعاله

كمال دمج
كمال دمج

بعد أن بدأت عملية “ضب الشناتي” في بعبدا للعودة إلى ماضي الزمان، من دون القدرة أو حتى النيّة للعودة بالبلاد سياسياً وإقتصادياً وإجتماعياً إلى ما قبل العام 2016، لم تتهيأ الطبيعة السياسية اللبنانية بعد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهي المعتادة على الفراغ، في ظل حكومة تصريف أعمال، ما يدفعنا حقيقةً الى إعادة النظر عملياً في ثغرات النظام، لتلافي النسف الكلي له تحت حكم النار والدمار.

فهل سيسمح ميشال عون بتشكيل حكومة جديدة يكون تمثيله فيها ضعيفاً في ظل عدم قدرته على الضغط والمماطلة للحصول على ما يريد ضمن الوقت المتبقي من ولايته؟

ما يزيد عن ثلث العهد أمضيناه فراغاً وتعطيلاً وتصريفاً بسيطاً للأعمال، من دون مبالاة من رئيس الجمهورية بالوقت الضائع، ولن يكون الآن، وقد بدأ العد العكسي لآخر 95 يوماً من ولايته، توّاقاً والرئيس المكلف نجيب ميقاتي الى إنجاز حكومة جديدة تتحمل وزر الأزمات ونار الإنهيار، وهو المشتاق الى العودة والاستراحة في الرابية، والمرتاح أصلاً في بعبدا من أي تخطيط أو عمل أو إنجاز في ظل سياسة التعطيل التي انتُهِجَت ومع تولي جبران باسيل وفريق المستشارين إدارة الأمور الرئاسية وفق ما يرونه مناسباً.

وفي واقع الحال، يعلم عون أنَّ لا مجال لانتخاب رئيس جديد للجمهورية في ظل تركيبة المجلس النيابي المنتخب وأنَّ الفراغ الطويل سيِّد المرحلة المقبلة، وفي ظل هذا الواقع الذي من الصعب توقع عكسه، يسعى الى ألا يسمح لميقاتي بتجديد فريقه الحكومي لإبقائه مكبَّل اليدين في إدارة الفراغ، ولكي يبقي الفريق المسيحي في الحكومة خاضعاً لإرادة رئيس “التيار الوطني الحر” الذي لا يملك سوى ورقة الميثاقية المسيحية لإخضاع الحكومة.

وانطلاقاً من الطبيعة التي ترفض الفراغ، وبدءاً من شهية الكثيرين لملئه وفق ما تقتضيه مصالحهم وسياساتهم تجاه لبنان وشعبه، تشتدُّ العصبيات الطائفية بين الأفرقاء حتى تتولّد من الشِّدة أزمات في بلد غابت فيه الحلول الوطنية البعيدة عن الشخصنة والطائفية والقومية، ويبدأ الإستقواء والترهيب لجعل الضعيف يرضخ لخيار القوي بالبلطجة والخروج عن سيادة الدولة والقانون، وهذا ما بدأت معالمه تتظهر في بعض الأحداث التي وقعت بالأمس القريب، والذي تشتد وطأته على اللبنانيين مع انجرارهم وراء غريزة البقاء في مستنقع القلة والحرمان.

وهكذا، كُتب على لبنان أن يبقى أسير الإنتظار في عملية صنع التسويات، ويستمر محكوماً بالخيار بين الموت الحتمي على أيدي الشر أو العودة الى الاستقرار من دون النمو، تحت وصاية قوى الشر نفسها.

شارك المقال