لبنان بين التسوية ونار التحدي والفراغ

كمال دمج
كمال دمج

بين اللهفة إلى كرسي الرئاسة الأولى وتمعُّن بعض الأطراف في رسم السياسات، فُتِحَتْ معركة رئاسة الجمهورية تحت عنوانها الطائفي العريض من دون حماوة تُذكر، عشية بدء المهلة الدستورية لدعوة الهيئة العامة للمجلس النيابي الى إنتخاب رئيس جديد، بشعارات فضفاضة يحكمها الشمول والتعامي عن أي طرح جدِّي لبرنامج وطني مفصَّل، بلا مبادرة من أحد للنظر إلى واقع تركيبة الهيئة الناخبة والسير على أساسها في محاولة للإبتعاد عن الهرطقات الشعبوية التي أثبتت عدم جدواها في استحقاقات عِدَّة، تزامناً مع ارتباكٍ خارجي بالقضايا المصيرية.

وما بين بين، لا يزال “حزب الله”، الذي يستملك مفتاح الحل المسروق عنوة من اللبنانيين عبر السلاح غير الشرعي، يُهمِدُ النار تحت طبخة الموقع الرئاسي الاستراتيجي الذي يشكِّل ضمانة كبرى لجناحيه العسكري والسياسي في وجه المعارضين السياديين، بحيث إلى الآن، لم يسلِّط الضوء الأخضر على أيٍّ من الأسماء البديهية، ما يطرح تساؤلات عِدَّة لفرضيات يُتوقَّع حدوثها.

وأمام هذا الواقع، هل ستضطر إيران عبر “حزب الله” الى استدراك معطيات المعادلة اللبنانية الجديدة والذهاب نحو رئيس وسطي مَرِن من خارج الأسماء المطروحة؟ أم أنها وتماشياً مع التحدي النووي والإسرائيلي ستخوض معركة الإسم الإستفزازي؟ أم سيدخل لبنان عهد “فخامة الفراغ” الى حين بلورة توافق دولي يرسي قائد الجيش رئيس تسوية؟

فُتِحَ بازار الموقع الماروني الأوَّل من بكركي وبين القيادات الحزبية المسيحية نفسها، إلاَّ أنَّ العشوائية في التعاطي لم تُضفِ الجدية على الإستحقاق بعد في ظلِّ انكفاء الحزب كلياً حتَّى الآن عن طرح مرشَّحه في وجه الجبهة السيادية “المفرفطة” التي إن بقيت على هذه الحال، لن يكون أمامها حل لمنع وصول مرشَّح الممانعة سوى باستخدام السُّم الذي ذاقته يوماً، عبر تعطيل نصاب الجلسات الإنتخابية لمنع تمديد الوصاية الإيرانية على الموقع الأول، ومنه على الكيان اللبناني.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه أي إسم يمكن لـ “حزب الله” دعمه اليوم؟ فهل بإمكانه خوض معركة سليمان فرنجية الذي هو في موقع العداوة مع جميع الأفرقاء المسيحيين بدءاً من عدم مطابقته لمواصفات بكركي الثابتة واستكمالاً نحو “التيار الوطني الحر” و”الكتائب”، إضافة إلى “القوات اللبنانية” التي أعلنت استنفارها الكامل لمنع وصوله إلى الرئاسة؟ وهل بإمكان الحزب خوض معركة جبران باسيل الذي يحمل مواصفات فرنجية إضافة إلى العقوبات الأميركية التي تجعله، إن وصل إلى الرئاسة، معزولاً كلياً عن العالم؟

والسؤال الأهم، هل يمكن لـ “حزب الله” أن يقدم على طرح مرشَّحه قبل نهاية شهر أيلول الذي يحدد مصير الواقع الأمني في لبنان في المواجهة مع إسرائيل في قضية الحدود البحرية؟

أمَّا عملياً، هل لدى لبنان القدرة على إنتاج رئيس بقدرات محليَّة في ظل الإنكفاء العربي وخاصة السعودي عن الإهتمام بشؤونه، وفي ظل إنشغال أوروبا ولا سيما فرنسا بشؤونها الحياتية الوجودية جراء الحرب الروسية – الأوكرانية، وتزامناً مع اقتراب الانتخابات الجزئية في الولايات المتحدة الأميركية؟

هذه الأسئلة وسواها، وكذلك لبنان، رهينة الوقت والتطورات الاقليمية والدولية.

شارك المقال