فراس أبيض يشرح لـ”لبنان الكبير” أسباب هجرة الأطباء

جاد فياض
جاد فياض

هل يصل اللبنانيون إلى زمن يضطرون فيه لمغادرة البلاد من أجل إجراء عملية طبية بسبب انهيار القطاع الصحي في لبنان؟. الأمر بات يشكل هاجساً حقيقياً يشغل البال، فالقطاع في حال تراجع مستمر، وفي ظل هجرة الأطباء وغياب المستلزمات الطبية، قد تصبح هذه المخاوف واقعاً ملموساً.

حسب الأرقام، هاجر أكثر من 1200 طبيب، وعددٌ كبير منهم من ذوي الكفاءة والاختصاصات المطلوبة، وهذا الأمر ينعكس سلباً على حسن سير القطاع، فما سبب هجرة هؤلاء الأطباء؟ وكيف ستؤثر هذه الهجرة على صحّة اللبنانيين؟

المعروف أن تعرفة الطبيب تتراوح اليوم بين الـ100 الف ليرة والـ200 ألف كحد أدنى، حسب تخصص الطبيب ومكان المعاينة، وبالتالي فإن الحد الأدنى للتعرفة يبلغ 7.6$ مع ارتفاع سعر الصرف وعبوره حاجز الـ13,000 ليرة، في وقت يسجّل الحد الأدنى للأجور 52$

يشير مدير مستشفى رفيق الحريري الدكتور فراس أبيض في حديث خاص لــ”لبنان الكبير” إلى ثلاثة عوامل تلعب دوراً أساسياً في هجرة الأطباء، فالطبيب، وكأي مواطن، كما يقول: “يعتمد على الدخل لإعالة أُسرته، ومع ارتفاع سعر الصرف تأثرت قيمة الايرادات. كما أن لظروف العيش وقعٌ أيضاً، فغياب الحاجيات الأساسية، كالبنزين مثلاً، يدفع بالطبيب للهجرة بحثاً عن الأفضل. أما العامل الأخير، فيتمثل بظروف العمل، إذ أن غياب المستلزمات الطبية يعرقل عمل الطبيب”.

ويلفت أبيض إلى أن “الكثير من الأطباء في لبنان من ذوي الاختصاص، وعدد المواطنين ليس بالكبير، وبالتالي لا خشية حالياً من فقدان الخبرات لإجراء العمليات الطبية، بل إن الخطر يكمن في النقص بالمستلزمات، لكن هجرة الخريجين الجدد مؤشر سلبي قد يشي بخطر على المدى البعيد، خصوصاً وأن منهم من يدرس في الخارج أساساً وقد لا يرغب بالعودة إلى بلاده في ظل الظروف الراهنة”.

في هذا السياق، لطالما تميّز لبنان بالسياحة الاستشفائية وعُرف بـ”مستشفى الشرق”، فقد اعتاد العرب القدوم إلى بيروت لإجراء عمليات طبية، ما انعكس ايجاباً على الاقتصاد وأدى إلى تدفق العملات الأجنبية، إلّا أن هذه الظاهرة انحسرت في الفترة الأخيرة لأسباب سياسية وأمنية وأخرى متعلقة بتراجع جودة الخدمات المقدّمة نسبةً لغياب المستلزمات الطبية، فبات القطاع الصحي يعتمد على اللبنانيين فحسب، ما أدى إلى تراجع التدفقات.

الاعتماد على اللبنانيين وحدهم ليس من شأنه تنشيط القطاع وتثبيت الأطباء في بلادهم لأسباب عديدة، فالمواطن اللبناني يدفع بالعملة المحلية في وقت يحتاج فيه القطاع إلى الدولار لاستقدام المستلزمات الطبية وتأمين ظروف عمل مناسبة للأطباء، كما أن الجهات المانحة الحكومية، كوزارة الصحة أو الضمان الاجتماعي، تتأخر في دفع المستحقات، ما يؤثر سلباً على دخل الطبيب.

أما القلق الحقيقي، فيكمن في عدم قدرة المستشفيات على إجراء عمليات معينة إما بسبب شح المستلزمات أو غياب الأطباء المتخصصين بعد حين، فعندها سيضطر اللبنانيون للتوجه إلى الخارج، ما يعني استنزافاً إضافياً للقطاع وإنعداماً لقدرة اللبنانيين على الاستشفاء.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً