صوتنا وسيفنا وقلمنا…

عبدالله ملاعب

إختصر الشاب اللبناني ماتيو علّاوي، في تغريدته الأخيرة قبل وفاته، واقع الشباب اللبناني، الذي أنهكه اليأس واستوطنه القرف في بلدٍ هَرِموا فيه باكرًا وصارت طموحاتهم مقتصرة على تأمين مصروفهم من الوقود.

أحلامٌ تَبَّددت ومشاريعٌ تحطمت لشعبٍ لطالما جَهَدَ لتحقيق الذات، ليأتيه زمنً خُطِفت فيه الدولة وانتهت حسب المعايير العلمية لقيام دولة، ولكنّها مع ذلك حافظت ومَكَّنت وطوَّرت نظامها البوليسي وقمعها المُخزي.

نشارك ماتيو علّاوي نظرته للواقع اللبناني، تمامًا كما شاركنا ياسمين المصري ما قالته للوزير باسيل منذ بضعة أسابيع حينما عَبَّرت عمّا نقوله نحن الشباب عن ذاك السياسي وغيره مِمَّن ينعمون اليوم بحرق مستقبلنا في بلد بات فيه البقاء في الوطن قرارًا جريئًا نخاف الندم عليه بعد حين؛ سيّما بسبب تعاظم لامبالاة “السلطويين” الذين وصلت بهم الوقاحة درجة الاستهزاء بِوجعنا وآلامنا كما فعل الوزير البرتقالي الذي أخذ صورةً مع قالب حلوى الذي يُجَسِّد معاناتنا في تأمين الدواء لأهلنا وذوينا.

لا تكتفي هذه السلطة بشرب كأس النبيذ على مصائبنا بل تتعمّد النيل من حريتنا في التعبير بطرقٍ لا أريد أن أصفها بـ”الحقيرة” وصلت درجة وضع ياسمين المصري، التي شتمت باسيل، بوجه والدها الذي اعتذر أمام صاحب الخطيئة عن صراحة ابنته التي نطقت بالحق والحقيقة.

أرادت هذه السلطة إذلال الابنة وأبيها. أرادوا القول لنا إن سهام الحقيقة التي تصيبهم ستُرَدّ علينا بأبشع الطرق القائمة أيضًا على الإذلال.

لكنّ المشكلة الحقيقية تكمن في أنّهم عكسنا. فالذّل عندنا ليس وجهة نظر. لا نقبل إهانتنا ولا نقول: “الدنيا عم تشتي”. إنّما هم قادهم إفلاسهم درجة التعايش مع الذل واحتقار الناس لهم، عوض معالجته. وهذا ما نستخلصه من ممارساتهم التي لا تتوقف عند تحويل “الهيلا هوو” الى أغنية يُعايدون فيها صاحب “الهيلا هوو” نفسه.

ما من شعورٍ يَصف نذالة الذين وضعونا نحن الشباب اللبناني، أمام معضلة الهجرة لتحقيق الذات أو البقاء والتَفَرُّج على الأفق المسدود. ما يربطنا بهذا الوطن يتخطى عهدهم وتاريخهم وحقدهم وفسادهم وقاضيتهم وقضائهم. لنا أهلنا هنا وبقايا أحلامنا والغد الذي ننتظر… لنا صوتنا وسيفنا وقلمنا، ومعركة الحق التي لن نتهرّب من خوضها.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً