الشباب اللّبناني في وداع الرّفاهية

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

أصبحت الرفاهية في لبنان من الأمور الصعبة. فالأزمة الاقتصادية غيّرت حياة  الكثيرين، وأجبرت الجميع على التخلّي عن الكثير من الأمور وإعادة هيكلة الاحتياجات. الجميع تأثّر وتحديداً الشباب اللّبنانيّ الّذي كان لا يفوّت فرصة للسهر والخروج وتمضية أوقاته بمرح.

في نظرة سريعة على أسعار المطاعم، نرى أنها أصبحت جنونية والخروج لتناول العشاء أصبح يكلّف الكثير. فمثلاً إن أردت الذهاب لتناول الغداء أو العشاء في أحد المطاعم في بيروت سوف تدفع  أقلّه بحدود الـ 200 ألف ليرة لبنانية في الوقت الذي كنت تدفع فيه سابقاً بحدود الـ 70 ألف ليرة لبنانية.

أمّأ عن السهرات والملاهي اللّيلية فالأسعار أصبحت نارية، في وقت كانت السهرة بحدود الـ 100 ألف ليرة لبنانية أصبحت الآن 300 ألف ليرة لبنانية أقله، لتصل إلى المليون ليرة لبنانية في عدّة أماكن على الشّخص.

إاذا كنت من محبّي السباحة والذّهاب إلى المسابح فأيضاً هنالك السيناريو نفسه، الدخولية أصبحت ضعفين أو ثلاثة من سعر دخولية السنين الماضية، يعني أنّك سوف تدفع بحدود الـ 100 ألف ليرة للدخول فقط إلى المسبح من دون غداء أو مشروبات.

يقول حسن ر. شاب لبناني (23 عاماً): “كنّا ننتظر الصيف بفارغ الصبر للخروج دائماً، نسهر، نتناول العشاء، نذهب في رحلات في السيارة، والكثير ولكن الآن كل شيء اختلف. اذا أردتُ تمضية نهاري في مسبح خاص بعيداً عن الضجّة، وأتناول الغداء هنالك مع بعض المشروبات، أكون قد دفعتُ بحدود الـ 300 ألف ليرة، وإن أردتُ الذهاب ليلاً للسهر وثم تناول العشاء فأيضاً أكون قد دفعتُ بحدود الـ 600 ألف ليرة، إذاً أصبحت تمضية نهار في لبنان تكلّف مليون ليرة لبنانية لكي نخرج ونتسلّى، أي نصف راتبي، فبات شيئاً مستحيلاً”.

إقرأ أيضاً: طموحات الشباب… إن كان كل شيء على ما يرام

وتؤكد سارة كمال شابة لبنانية (25 عاماً): “أصبحنا نتخلّى عن الرفاهيات. بدل الخروج مرّتين أو ثلاثاً في الأسبوع لتناول الغداء في الخارج، أصبحنا نذهب مرة في الشهر. بتنا نحسب كل تحركاتنا. أصبحنا نفضل التجمعات في المنازل لكي نوفّر ولا ندفع الكثير. حتّى إننا ومع أزمة البنزين أصبحنا لا نخرج كثيراً أو نحدّ من تحرّكاتنا”.

ولكن ومع هذه الأزمة الاقتصادية نرى المطاعم والمسابح والملاهي اللّيلية مكتظّة بالناس و”مفولين” فما السّبب؟

بحسب الدّولية للمعلومات، فإن أسباب هذه المظاهر أن 5% من اللّبنانيين هم  من الأثرياء والأغنياء أي نحو 215 ألف فرد من أعداد اللبنانيين المقيمين قدرتهم الشرائية عالية. ونحو 200 ألف أسرة أي نحو 850 ألف فرد يتلقون تحويلات من الخارج من أهاليهم وأقاربهم، وتتراوح قيمة الحوالة ما بين 200 دولار و2,000 دولار شهرياً، ما يعطي هذه الفئة قدرة شرائية عالية. وتفيد إحدى شركات تحويل الأموال الإلكترونية أن مقدار التحويلات من الخارج عبرها تصل إلى 150 مليون دولار شهرياً، وأن إجمالي تحويلات العاملين في الخارج تقدر بنحو 7 مليارات دولار سنوياً وفقاً لتقديرات البنك الدولي.

لم تقتصر تداعيات الأزمة الاقتصادية على الوضع الاقتصادي فحسب، بل إنها تركت لدى الشّاب اللبّناني مشكلات على المستوى النفسي والصحي، كما أنّها أثّرت على المستوى الأكاديمي والسياسي.

الأزمة الاقتصادية في لبنان ليست أزمة عابرة.. و”شباب لبنان الكبير” يتحدثون عن تأثيراتها.

شارك المقال