إلى الفراغ.. در!

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

ليس جديداً على فخامته تفضيل الفراغ على “سيسرة” الأمور. ليس جديداً على فخامته تفضيل التعطيل وشل البلد لأشهر، ليس جديداً على فخامته استخدام أسلوب: ” لعيون صهر الجنرال ما تتألف الحكومة”.

في الـ 2016، وتحت غطاء معادلة “أوعى خيك” الّتي فتكت بالأخوة جميعاً، وبعد 45 محاولة فاشلة للوصول إلى النصاب القانوني، وبعد 29 شهراً من الفراغ الرئاسي، أطلّ علينا الرئيس القوي ليعلن بدء “العهد القوي”.

ومرّةً أخرى، نجح الحلفاء في القضاء على آخر أملٍ متبقٍ في هذا البلد، فأتى اعتذار الحريري عن تشكيل الحكومة بعد 266 يوماً من جولات الكرّ والفّر ليعلن الفراغ الحكومي.

غاب عن رئيس الجمهورية أنّ الشّعب غير مهتم بثلثه المعطّل وأّنه مشغول بمحاولة البقاء على قيد الحياة ويحارب واحدة من أشد الأزمات الاقتصادية الّتي حلّـت منذ 1850. غاب عن رئيس الجمهورية أنّ الشابّ اللّبناني الذي هو بعمر أحفاده وصهره، أصبح يكافح وحيداً بلا أمل. غاب عن رئيس الجمهورية أن دم شهداء المرفأ لم ينشف بعد وينتظرون المحاسبة وليس جملته “يوم يلّي وصلّي خبر عن النيترات c’etait trop tard”.

الغريب بالأمر أنّهم باسم العيش المشترك يدافعون بطائفية عن حقوق المسيحيين الّذين لم يتكلموا يوماً بهذا الأسلوب الطائفي.

حكّامنا ما زالوا عالقين في الحرب الأهلية، لم يفهموا بعد أن شباب لبنان يريد فقط أن يعيش بسلام بعيداً عن ألعابهم وفسادهم، وشجعهم.

إلى حين تحديد موعد للاستشارات الإلزامية، وتسمية رئيس حكومة، وخوض لعبة الموت مجدداً لتشكيل الحكومة، سنشهد تفلتاً أمنياً أكثر، مشكلات حياتية يومية أكثر، انهيار لليرة أكثر، وأكثر..

يقول كريس خوان، طالب جامعي، أنّه ومع دخولنا الفراغ الحكومي، انقطع الأمل نهائياً عنده. كان يتأمل مع عودة الحريري أن يعود الاستقرار ولو 10% في البلد في الوقت الحالي، ولكنه بدأ فعلياً بالتفكير بالهجرة الّتي لم يردها يوماً ولكن لبنان أعلن موته، ولن يستطيع البقاء والمكافحة.

إقرأ أيضاً: عون ولعبة الفراغ القاتم “كرمال” الصهر

هذا ويعاني لبنان من كساد اقتصادي حاد ومزمن. ووفقاً لتقرير مرصد الاقتصاد اللبناني الصادر عن البنك الدولي، من المُرجّح أن تُصنّف هذه الأزمة الاقتصادية والمالية ضمن أشد عشر أزمات، وربما إحدى أشد ثلاث أزمات، على مستوى العالم منذ منتصف القرن التاسع عشر. وفي مواجهة هذه التحديات الهائلة، يهدّد التقاعس المستمر في تنفيذ السياسات الانقاذية، في غياب سلطة تنفيذية تقوم بوظائفها كاملة، الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية المتردية أصلاً والسلام الاجتماعي الهش، ولا تلوح في الأفق أي نقطة تحوّل واضحة. كما أصبح أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر.

شباب “لبنان الكبير” يتساءل ماذا بعد الفراغ؟ ويصرخ.. كفى أنانية.. انزل عن عرشك فخامة الرئيس وانظر ماذا حلّ بنا.. أنظر إلى أولادك يا “بيّ الكّل” كيف أصبحوا يتقاضون معاشاً شهرياً لا يكفيك لشراء بدلة جديدة.. انظر إلى هذا الشعب الّذي أصبح يموت مئة مرّة في اليوم.. انظر إلى شبابك الّذين من المفروض أن يعيشوا زهرة شبابهم في لبنان..

فخامتك.. ريتك ورثت البستان…

شارك المقال