عن ثورتي الأرز و17 تشرين… وجهنم

عبدالله ملاعب

في مطلع الألفية الثالثة، نشطت المنظمات الدولية والجمعيات غير الحكومية، في مجال تمويل برامج وتقديم اقتراحات مفادها تفعيل دور الشباب في الحياة السياسية. مبدأٌ لطالما سمعناه أو قرأنا عنه. وعلى الرغم من كون المجلس النيابي الحالي لا يعكس نجاح تلك البرامج والاقتراحات التي تسعى لتعزيز دور الشباب اللبناني في السياسة، إنما مما لا شك فيه، أن الشباب اللبناني لا سيّما بعد ثورة الأرز ٢٠٠٥ بات أكثر انخراطًا بالسياسة، وكبر هذا الانخراط ليأخذ بُعدًا جديداً بعد ١٧ تشرين حينما أصبحت كل المواقف والقرارات السياسية خاضعة لحكم الشارع، لا سيما شبابه الذي بات يعرف المعرقلين والمعطلين والنائمين.

ثورة الأرز، عَرَّفت الشباب اللبناني على مفاهيم الديمقراطية وتقرير المصير وسمحت لهم بتطبيق تلك المفاهيم عبر الانتفاضة التي نجح من خلالها الشباب اللبناني في دحر قوى الاحتلال وخلق مجتمع يقرر مصيره بيده، لتتبلور شخصيات سياسية شابة. ولو لم يأت آذار ٢٠٠٥، لما أتت “طلعت ريحتكم” عام ٢٠١٥ أو ١٧ تشرين عام ٢٠١٩. والكلام هنا اجتماعي ــــ سيكولوجي لا سياسي يعود إلى درجة احتكاك الشعوب مع مفاهيم الديمقراطية والسيادة والنضال وحق تقرير المصير.

قبل الوصول الى تشرين الأول ٢٠١٩، لا بد من العودة ٣ أعوام الى وراء من ذاك التاريخ، اي الى تشرين الأول ٢٠١٦ حينما انتخب العماد ميشال عون رئيسًا للجمهورية وأخذت الدولة تنهار بمؤسساتها، إلى أن أصبح الشباب اللبناني مهددًا بعدم قدرته على تأمين أبسط حقوقه كالأكل والتنقل.

ووسط كل ذلك، تظهر لنا بيانات وتصريحات رئيس الجمهورية التي تُحَمِّل هذا الدرك الذي نحن فيه، للنظام السياسي على الرغم من كونها في صلبه لا بل نتاجه، ليقف المواطن الموجوع حائرًا أمام حججهم التي تبدأ بــ”ما خلونا” ولا تنتهي عند “حقوق الطائفة”، أو “الدستور”، أو “وحدة المعايير”.

مع قدوم العماد عون إلى بعبدا، اُجبر الشباب اللبناني على توسيع معرفته بالسياسة وواقعها لأن التعطيل، الذي أوصل عون إلى الكرسي الرئاسي في بداية المطاف، أخذ يستفحل بعد وصوله ومعه طارت حقوق الشباب وبُرِّر هذا الأمر بمصطلحات سياسية بالية تأكل نصيبها من الشتائم كل يوم، كما يأكل أصحابها.

معظمنا للأسف لم يعد يسعى لتحقيق طموحاته المهنية، بل يتمنى أن يستطيع الحصول على حاجته من الكهرباء، أو حاجة أهله من الدواء المفقود.

هَرِمَ الشباب اللبناني بحثًا عن قوت يومه، في حين يَسمع كل يوم مطلب المجتمع الدولي الواضح والمتمثل بتشكيل حكومة إصلاحات لوقف الانهيار وبدء مرحلة التعافي. لكن، لماذا لا يريد هذا العهد حكومة؟ لماذا التكابر على المجتمع الدولي والمبادرة الفرنسية؟ لماذا الإصرار على المد بعمر الفراغ الحكومي وما يترتب عليه من تفاقم للأزمة وصعوبات جديدة تنبت كل يوم؟

أسئلة كثيرة يسألها الشباب اللبناني الذي باتت حقوقه رهينة التطورات السياسية في عهد نطلب فيه الكهرباء فنسمع أسطوانة “ما خلونا”. ونطلب فيه “الدواء والمياه والوقود” لنرى تشكيلات حكومية مُعطَّلة مبنية على العناوين العريضة نفسها التي عَطَّلت انتخاب رئيس للجمهورية لسنتين! فعلاً هزلت.

شارك المقال