الانهيار بلغة الأرقام… والمسرحيات الفارغة

جاد فياض
جاد فياض

منذ عامٍ ونصف، لا سيرة عند اللبنانيين إلّا الانهيار الحاصل على مختلف المستويات. بلغة الأرقام، نستعرض حجم هذا الانهيار عند حدوده الحالية، علماً أن كرة الثلج تكبر مع الوقت، والوقائع ستصبح أسوأ مع تأخر الحل واستمرار المراوحة السياسية والمسرحيات الفارغة.

الانهيار، بمختلف مستوياته، طال كل جوانب حياة اللبنانيين، وهم باتوا يعرفون حجمه ميدانياً على أرض الواقع. إلّا أننا سنقاربه من وجهة نظر المجتمع الدولي الذي ينظر إليه من منظار المؤشرات والأرقام والاحصاءات. نستند في هذا المقال إلى أرقام  Numbeo وهي من أكبر قواعد البيانات التي تستعرض بعض مؤشرات الدول.

المؤشرات كثيرة، لكننا سنعتمد أهمها، مؤشر نوعية الحياة، وهو مؤشر يعتمد على تكلفة العيش والقدرة الشرائية، جودة النظام الصحي، القدرة على تأمين المسكن، نسبة التلوّث في المكان، نسبة حدوث الجريمة، وحركة التنقّل. تراجع لبنان من 112.24 نقطة في العام 2018 إلى 94.47 نقطة في العام 2021، في حين أن الإمارات تقدّمت من 156.03 إلى 176.22 في الفترة نفسها، علماً أن سويسرا تتربع على عرش، وتتصدر بـ190.82 نقطة.

تراجع لبنان في مؤشر نوعية الحياة هو أساس، ويعكس حال التدهور الذي تشهده مختلف القطاعات الحيوية، وأهمها الاستشفائية، ولا داعي للتذكير بتطور القطاع الطبي في لبنان بوقت سابق ومقارعته قطاعات طبية في أهم دول العالم. ويشير هذا المؤشر إلى خطر محدق يهدد حياة المواطنين، الذين باتوا مهددين لجهة الأمن الغذائي، ومشردين دون سقوف تؤويهم.

إقرأ أيضاً: صندوق النقد الدولي: اقتصاد لبنان سينكمش بـ 9% في 2021

إلّا أن للمؤشر قراءات متعددة، وقد يُنظر إليه كعامل من عوامل التغيّر السياسي، فتراجع نوعية الحياة تتحمل مسؤوليته السلطة السياسية وقوى الأمر الواقع، التي يقع على عاتق تحسين ظروف العيش. وانطلاقاً من هذه النقطة، قد يقرأ الخارج في هذا التراجع امكانية حلول تغيير سياسي وشيك في لبنان، خصوصاً مع اقتراب الانتخابات النيابية، والتي يعوّل عليها المجتمع الدولي، لكنه في الوقت الحالي يُدرك أن المعيشة في لبنان نحو تراجع مستمر.

بعيداً عن التحليلات والتوقعات، يبقى تراجع مؤشر الحياة في لبنان خطراً على السلطة السياسية يجب تداركه بأسرع وقت، والعمل على انضاج التسويات بالحد الأدنى من أجل وقف التدهور، حتى الوصول إلى الانتخابات النيابية، الفصل الذي يقرر الشعب فيه مصيره، فإما يختار السلطة نفسها التي أودت بنوعية الحياة التي كان يتمتع بها سابقاً، أو يُحسن الاختيار فيعيد أمجاد لبنان، ويستعيد كرامته بحياة كريمة.

شارك المقال