جو عقيقي… سقى الأرزة بروحه

غنوة فهد
غنوة فهد

من هم؟
هل هم من تحوّلت أشلاء أجسادهم الى أجنحة ملائكة؟ هل هم من لبسوا ثوب الشهادة في سبيل قضيّة لم يختاروا ربّما القتال من أجلها؟ وقد اخترت هنا تعبير القتال لأنّ دولتنا الحبيبة حوّلت كلّ من نجا من التفجير المفخّخ في ٤ آب الى مقاتل شرس نجا بأعجوبة، وكلّ من سقط ضحيّة هذه الكارثة إلى مقاتل هزمته أرزته.

ولكنّ جو عقيقي كان  ممن اختاروا البقاء هنا وبحسب تعبير والدته المفجوعة “إبني كان بدو يفل من لبنان، قلتلو لا يا ماما بدنا نسقي الأرزة”. ويا لها من أرزة غدّارة طعنت بمن سقاها وضحّى من أجلها.

جو عقيقي هو شاب لبناني، في العشرين من عمره، كان يعمل في المجال التقني في إهراءات مرفأ بيروت. وهو من ضحايا انفجار هذا المرفأ الذي تسبّب بوفاة مئتين وثمانين شخصاً وجرح سبعة آلاف وخمسمئة، ولم يتمكّن من التعرّف إليه إلاّ من خلال صليبه الذي كان يحمله دائماً.

“جو كان من المؤمنين بلبنان، وكان بالنسبة له حلماً ناطرو يتحقّق وكان يناضل للوصول للبنان يشبهو، للبنان يحضنو، للبنان ما حدا ينجبر يسافر منّو لأن مستقبلو مش مأمّن. كان ينزل عالثورة ويرجع عالبيت يعيّط أنا الثورة”، كما تروي لنا شقيقته ماري.

“اشتقتلّو كتير وبحبّو كتير وفخورة فيه قد الدني. وكنت وبعدني رح ظل شوف حالي فيه. فل كتير بكّير بوقت كنت بعدني بحاجتو، صرت هيك فلتانة بالهوا بلا جناح  ما بقا شي إلو طعمة”،

وأكملت ماري كلامها محاولة حبس دموعها على شقيقها،
” بقلّو ضيعان جمالو وعيونو وقلبو، ضيعان شطارتو ونخوتو… ضيعان كل شي فيه، بس بوعدو انو حقو ما رح يروح ضيعان. نحن ببلد أوقات منفقد الأمل إنّو نقدر نعمل شي، بس قد ما فينا رح نظل نجرب لنوصل لشي”.

بعد ٤ آب تغيّرت حياة كل من كان يحب جو عقيقي، فبحسب عائلته، كان الدينمو لبيته وضيعته ورفاقه، جو ترك بصمة بكل شخص كان يعرفه.

وكيف يمكنهم أن لا يذكروا دائماً من كان معروفاً بأخلاقه العالية وهضامته واحترامه للآخرين؟
وكيف يمكنهم أن يتوقّفوا عن الكلام عنه في كل جلسة تجمع محبيه؟

إقرأ ايضاً: عن رالف ورفاقه… ونيترات الزعماء

” لكل شخص إلو إيد بيلي صار، لكل شخص كان ممر ليلّي صار، لكل شخص كان عارف وما تحرّك بشكل جدي الله شايفو وقاشعو. عارفة إنّو يمكن ما نوصل لنتيجة جدية معكن، وانشاء الله نقدر نوصل… بس بكل الحالات الله كبير شايفكن وحق خيّي وكلّ الضحايا ما رح يروح هيك. وإذا عدالة الأرض ما رح تجيب حقّن عدالة السماء عالأكيد  رح تجيبا. وين بدّن يهربوا وين بدن يروحوا في آخرة ويا ويلن من ربّن”، ماري عقيقي موجهة رسالتها للمعنيين.

ولأهالي ضحايا تفجير ٤ آب ٢٠٢٠ أقول “العدالة ثمينة جدّاً، ولذلك هي تكلّف غالياً”، فلا تستسلموا ولا تيأسوا مهما حاولوا إهلاككم وتضليلكم، فالجميع الى جانبكم ومعكم ولن نهدأ إلاّ لحين تحقيق العدالة.

شارك المقال