التعليم ضحية البنزين

جاد فياض
جاد فياض

الأساتذة والتلاميذ في حيرة قبل انطلاق العام الدراسي الجديد. كيف سيكون شكل التعليم، حضورياً أم عن بُعد؟ هل سيقف فيروس كورونا مرةّ جديدة عائقاً أمام العودة إلى المدارس ليخفي خلفه عيوباً تحول دون التوجه نحو الصروح التربوية، أم سيُصرّ المعنيون على عام دراسي مباشر في المدارس والثانويات على الرغم من كل الأزمات؟

برزت في الأيام الأخيرة خشية حقيقية من انهيار القطاع التربوي وإلغاء العام الدراسي المقبل بسبب الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد. لم تعد الجائحة وحدها الـ”مايسترو”، بل بدأت عوامل أخرى تلعب أدواراً محورية في اتخاذ القرار في الفترة المقبلة، أكان لجهة الاستمرار في التعليم عن بُعد، أو العودة إلى المدارس.

في هذا السياق، سيكون لأزمة البنزين والمازوت أثر كبير في العام التربوي المقبل أيضاً، ولن تستثني من تبعاتها أي خيار تتخذه وزارة التربية. إن المحروقات شبه مفقودة في الأسواق اللبنانية في الوقت الحالي قُبيل تطبيق قرار رفع الدعم عنها، وقد تتوفر في الأسواق السوداء بأسعار مرتفعة جداً. أما وبعد أن يسلك القرار طريقه نحو التنفيذ، فسترتفع أسعار المحروقات أربعة أضعاف، ليصل سعر صفيحة البنزين إلى 336 ألف ليرة وسعر صفيحة المازوت إلى 278 ألفاً وفق سعر صرف الدولار الحالي – حسب “الدولية للمعلومات”- فعندها من غير المؤكد ما إذا كانت ستتواجد المادتان في السوق بشكل طبيعي، أو ستستمر أزمة النقص، لكن بالتأكيد ستكونان خارج قدرة المواطن الشرائية.

أمام وزارة التربية خياران لا ثالث لهما، إما التوجه نحو التعليم عن بُعد، أو العودة إلى المدارس والتعليم حضورياً، وفي كلتا الحالتين، الأزمة موجودة. بالنسبة للخيار الأول، فإن النقل سيكون أبرز المشاكل، إذ لن يستطيع الأساتدة والتلاميذ التنقّل من وإلى المدرسة في حال استمرت الأسعار على ما هي عليه، ولم يتم دعم المواطنين ببطاقات تمويلية. كما ستكون مشكلة التدفئة حاضرة، خصوصاً بالنسبة للمدارس التي تقع في مناطق ترتفع أكثر من 500 متر عن سطح البحر، وذلك إلى جانب غياب القدرة عن تزويد المولدات الخاصة بالمازوت وبالتالي فقدان الطاقة الكهربائية في المدارس والثانويات.

أما الخيار الثاني، أي التوجه نحو التعليم عن بُعد، فان أزمة الكهرباء هي عينها. غياب الطاقة الكهربائية لساعات طويلة وعدم قدرة المولدات الخاصة على التعويض سيحولان دون قدرة الأساتذة على التواصل مع التلاميذ عبر الانترنت، خصوصاً أن مواقيت تقنين المولدات ليست هي عينها في مختلف المناطق، وبالتالي لن يستطيع الأساتذة تدريس حصص حضورية “اونلاين”.

مصادر تربوية تشير إلى أن المشكلة هي عينها ولو تعددت الخيارات، وبالتالي القطاع التربوي أمام خطر حقيقي قد يطيحه ما لم يتم استدراكه وإيجاد الحلول في أقرب وقت. وكشفت المصادر عن بحث متواصل من جهة وزارة التربية والهيئات التعليمية لإيجاد أنسب الحلول، علماً أن الطرفين حريصان على عدم خسارة العام الدراسي المقبل.

قد يكون أفضل الحلول المطروحة حتى الآن التدريس عن بُعد مع مراعاة غياب الكهرباء والإنترنت، وبالتالي عدم الزام التلاميذ بأوقات حصص معينة، ما يعني إرسال الدروس في وقت معيّن ومنح التلميذ وقتاً للاطّلاع عليها حين تتوافر الطاقة الكهربائية. في هذه الحالة، أن التواصل المباشر بين الأساتذة والتلاميذ سيغيب، علماً أنه تواصل ضروري يسمح للتلاميذ بطرح الأسئلة والأفكار مباشرة على الأساتذة، ويمكّن الأساتذة من معرفة مدى فهم التلاميذ للدروس، إلّا أن الظروف ستحكم واقعاً جديداً يجب التعايش معه.

المهم اليوم توجّه وزارة التربية لايجاد الحلول بأسرع وقت ممكن وإبعاد التلاميذ عن الضياع في متاهات ستُربكهم وتؤثر في تركيزهم وعطائهم.

شارك المقال