وداعاً للزواج في لبنان!

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

فتكت الأزمة الاقتصادية بالشعب اللّبناني على المستويات كافة وبالجميع. لم يسلم أحد منها. وما “زاد الطين بلة” في آخر سنتين، الوباء الّذي شلّ الحياة. أصبحت الاستمرارية صعبة، والجميع يكافح لكي يبقى حياً على هذه السفينة المتخلخلة.

وبالنسبة للشباب الذين يحلمون ببناء عائلة، فأصبح الأمر صعباً جداً. فحسب المديرية العامة للأحوال الشخصية، معدلات الزواج في 2020 قد تراجعت بنسبة 13.5% مقارنةً بـ 2019 و17.9% مقارنةً بمتوسط الأعوام الخمسة الأخيرة. وحتى معدّل الولادات قد تراجع 14.5% مقارنة بالعام 2019 و16.2% مقارنةً بمتوسط الأعوام الخمسة الأخيرة. والأكيد أن هذه الأرقام مرشّحة للارتفاع بشكل كبير نهاية العام الجاري 2021.

الأرقام هذه مُتوّقعة. فمع انهيار الليرة اللبنانية أمام الدولار أصبح الدخل الشهري محدوداً جداً ولا يسمح للشّباب بالإقدام على خطوة الزّواج. فبالكاد أصبح المدخول الشهري يكفي الشاب مصروفه الخاص.

توقّف بنك الإسكان عن منح قروض لشراء المنازل، وجّه صفعة قوية لكل من فكّر بالارتباط. فيقول محمد حساري (28 سنة) أنّه الآن لا يفكّر أصلاً في الارتباط مع أنّ سنّه ليس بصغير، لكن امكاناته باتت محدودة جداً. حتّى المال الّذي ادّخره سابقاً للإقدام على خطوة الزواج وشراء بيت أصبح بلا قيمة ومحتجزاً في البنك.

ويضيف بحسرة: “فرضاً قمنا باستئجار بيت، كيف لي أن أتحّمل نفقات طفل إن وجدت أصلاً الحليب والدواء والأساسيّات؟”.
وتقول لين (30 عاماً) إنّ أزمة الكورونا كانت من أهم العوامل الّتي أثّرت على تراجع نسبة الزواج، فآخر عامين، أصبح البد مشلولاً، الجميع خائف من الوباء، لا مساحات عامة، لا مطاعم، لا سهرات، لا اجتماعات لكي تتعرّف إلى الشخص المناسب.

وتقول أيضاً: “بالطّبع أنا لا أفتّش عن شريك لكي يصرف عليَّ، ففي هذه الأزمات على المرأة والرّجل التّكاتف والعمل لكي يتمكنا من تحمّل مصاريف “فتح” منزل”.

بالطّبع تراجع نسبة الولادات ليس بغريب، فأصبحت العائلة تدرس امكانية انجاب طفل في هذا الوضع من كل النواحي.

غير أنّ الهجرة سلبت منّا شبابنا، فحوّلت العديد من العلاقات العاطفية الى علاقات الكترونية يتخّللها من فترة الى أخرى قبلة حقيقية. وبات الشّاب اللبناني الّذي يتحمّل المسؤولية الأكبر في موضوع الزواج عاجزاً، فهاجر، تاركاً في لبنان علاقة حب لا يعلم إن كانت ستستمر مع الظروف الصعبة. ويقول جوزف طعمة (26 عاماً) أنه “قرر الرحيل لكن قلبه بقي في بيروت، لكن بعد فترة قصيرة فشلت علاقته العاطفية مع حبيبته في بيروت لأنّها لم تتحمّل البعد الجغرافي”.

إذاً… وداعاً للزواج في لبنان. وداعاً للأوقات الجميلة، وأهلاً بكم في جهنم!

شارك المقال