العائلات اللّبنانية تحتضر… و”بيّ الكل نايم”

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

وفق إحصاءات الأمم المّتحدة، يعيش أكثر من 55% من الّلبنانيين تحت خط الفقر. وهذه الّنسبة مرّجحة للازدياد مع انهيار الّليرة الّلبنانية، إذ أظهر مؤشر “Cost of Living Index” الصادر عن “Numbeo”، والذي يعتمد في تقويمه للدول وتصنيفها على أسعار السلع الاستهلاكية فيها بالإضافة إلى تكاليف النقل والوحدات السكنية، أن لبنان هو الأكثر غلاء في المعيشة بين الدول العربية.

وما يزيد الطين بلّة في لبنان أنّ الدولة غائبة تماماً. في حين أصبح الحدّ الأدنى للأجور بحدود الـ30$ شهرياً، أي أن نسبة كبيرة من الأسر الّلبنانية تعيش بأقل من دولار واحد في اليوم.

بنظرة سريعة على أسعار السّلع مقارنةً بمرحلة ما قبل الأزمة نرى أنّها أصبحت جنونّية مقارنةً أيضاً براتب الفرد الّذي ما زال مكانه.

الأزمة فتكت بأشخاص لم يطلبوا المساعدة يوماً من أحد. كانت تلك الطبقة المستورة تعيش بسلام، من دون ذل. ولكن، هذه الطّبقة اختفت اليوم واختفت معها الطبقة المتوسّطة الّتي كانت تعيش نوعاً ما بارتياح مادي. اذ كان ربّ العائلة يتقاضى في لبنان سابقاً ما بين 2000 و4000$ وهو ينتمي للطبقة الوسطى المرتاحة نوعاً ما. أما اليّوم فأصبح راتبه يعادل الـ300$ بالكاد يكفي لتأمين الطعام والنقل.

إقرأ أيضاً: حدائق البقاعيين حظائر أغنام وأقنان دجاج!

علي (27 سنة) شاب لبناني، مدّرس رياضيات في مدرسة لبنانية، كان معيل عائلته الوحيد المكونة من أمّه وأخته. عليه الآن أن يكافح لكي يؤمن مصروف عائلته لفترة شهر وتكاليف أدوية أمّه. علي قبل الأزمة كان يعيش بهدوء، لم يطلب المال يوماً من أحد. علي اليوم يحاول البحث عن عمل إضافي مساءً لكي يكسب بعض المال الإضافي. تخلّى عن حياته الشّخصية وأحلامه بتكوين عائلة. تخّلى عن سهراته و”ضهراته”. تخّلى عن شراء الملابس الجديدة حتّى أّنه يفكّر الآن في بيع سيّارته القديمة ويشتري “موتو” صغير. ويضيف بحزن: “درستُ وتعبتُ ليس لكي أرى نفسي أشتهي الخروج وتناول العشاء في الخارج لكن هنالك أولويات الآن”.

عائلات كثيرة فقدت وتخّلت عن أساسيّاتها. برادات فارغة لعائلات لم تفرغ يوماً برّاداتها. طبخ بلا لحم أو دجاج لعائلات لم تحرم نفسها يوماً من شيء. أصبحت الفواكه للمقتدرين مالياً. عائلات افترشت الطرقات لأنّ ما من مال يكفي لإيجار البيت.

أوضاع كارثية وبيّ الكلّ جالس في قصره يطالب بتجبّر بحصّته السياسية. عائلات فقدت كرامتها وأصبحت تنتظر كرتونة من جمعية لكّي تأكل، وبيّ الكّل سارح في عالمه الخاص.

إنزل الى الأرض فخامتك، هنا العائلات اللّبنانية… تحتضر.

شارك المقال