هواية الشباب… البقاء على قيد الحياة

غيدا كنيعو
غيدا كنيعو

لم نتخيّل يوماً أننّا سنعيش هكذا كابوس. بمعنى أن تتكرّر قصص الأهل عن مرارة وصعوبة الحياة لنعيشها بظروف حتّى أصعب. لم نتخيّل يوماً أنّ زهرة شبابنا ستموت ليحيا الفاسد، ويكسب الكاذب ويجلس على عرش السلطة الدجال.

لم نتخيّل يوماً أنّنا سنُسجن في منازلنا لأنّنا وفي القرن الحادي والعشرين لا محروقات للمواصلات. لم نتخّيل يوماً أنه في بلاد حسن كامل الصبّاح سنتغيّب عن اجتماع طارئ للعمل لأن لا كهرباء لدينا. لم نتخيّل يوماً أن نتخلّى عن أحلامنا في وطنٍ صدّر الأحلام للخارج. لم نتخيّل يوماً أن يكون أقصى طموحنا الخبز والماء.

تستمر معاناة الشباب في هذه الوطن، وبدلا من البحث عن وسائل للترفيه، أصبح يبحث عن وسائل للبقاء حياً. فباع هواياته واهتماماته ونزهاته وكرّس وقته للعمل، ان وُجد.

في آخر سنتين ومع تدهور الوضع الاقتصادي، بدأ اللّبناني التّخلي عن أشياء كثيرة من بينها هواياته الّتي كانت تأخذ جزءاً من مصروفه فاضطر الى استبعاد أنشطة منها الرياضية ومنها الفنية ومنها الروحية.

ويقول أحمد حمود (26 عاماً) أنّه اضطر الى عمل آخر ليزيد مدخوله الشهري فبذلك أصبح يعمل من السابعة صباحاً حتّى العاشرة ليلاً وليس لديه الاّ نهار عطلة واحد وهو الأحد فاصبحت أيامّه جميعها عمل، بالكاد يستطيع أن يرى أصحابه خلال الاسبوع. ومن هوايات احمد كانت الرّسم فكان يذهب الى معهدٍ لتعّلم أساليب الرّسم بعد دوام عمله وكان يعتبر ان تلك الساعة في المعهد أشبه بساعة لنسيان همومه فينفّس بعض الشيء الاحتقان لديه جراء ضغط العمل، أما الآن وبفعل عمله الجديد لم يعد بامكانه ممارسة هوايته مما انعكس سلباً على نفسيّته.

كما اضطر العديد من الأهل الى وقف أنشطة أولادهم نظراً لغلاء كلفة النشاط. فتقول والدة أحد الأطفال أنها أرادت أن تبدأ اعطاء ابنها دروسا لتعلّم “الغيتار” لأنه كان يحبّ ذلك بشدة، لكنّ لم يعد بامكانها اذ أنّ شراء الآلات الموسيقية أصبح باهظ الثمّن وبالدولار وسعر حصة الموسيقى أصبح غالياً، وهنالك أمور أهم حالياً.

الحياة في لبنان تغيّرت في فترة زمنية قصيرة، شبابٌ اغتيلوا معنوياً، فأصبحت هوايتهم الثورة على هذه المنظومة الفاسدة من رأس الهرم، وجرّ.

شارك المقال