بطالة الشباب برقبة الحكومة الجديدة

جاد فياض
جاد فياض

بعد سنة وشهر، ولدت الحكومة المنتظرة. سنة وشهر من الفراغ المستمر والشلل السياسي اختبرته البلاد نتيجة عراقيل داخلية وخارجية أخرت عملية التأليف. تحديات لا تُحصى ولا تُعد أمام مجلس الوزراء، وملفات مصيرية تنتظر قرارات حاسمة بشأنها. اتسمت مرحلة الحكم السابقة بالعشوائية والفشل، وما استطاعت التخفيف من حدّة الأزمة، لا بل زادت الأمور تعقيداً مع كل قرار تتخذه، حتى وصلت البلاد إلى ما هي عليه.

وجوه جديدة في الحكومة، معظمها من الأكاديميين والتقنيين. من المبكر الحكم عليها، ولو أن الآمال ضعيفة بالنسبة للبنانيين الذين ما عادوا ينتظرون أي بارقة أمل من السلطة السياسية التي سبق لها أن أنتجت حكومات سابقة مشابهة. قد تكون الحكومة العتيدة كسابقاتها، وتتبع نهج المحاصصة وتستثمر في الظروف لغايات انتخابية، مع اقتراب موعدي الانتخابات النيابية والرئاسية.

إلّا أن لا شيء يمنعها من أن تكون حكومة الانقاذ الحقيقي أيضاً. الفرصة كانت دائما موجودة أمام أهل الحكم في لبنان لاعادة البلاد إلى السكة الصحيحة، وذلك عبر اطلاق عملية الاصلاح في المؤسسات مع الاستعانة بالمجتمع الدولي والجهات المانحة. الأمر رهن القرار السياسي الذي سيتخذه مجلس الوزراء في الفترة المقبلة، اما الاستمرار في العشوائية التي أوصلتنا إلى “جهنّم”، أو العودة إلى بر الامان.

الشباب أيضاً يتطلعون إلى الحكومة وسيراقبون الأداء منذ اللحظة الأولى. سيعلقون عليها الآمال مرغمين، لأن ما من حل آخر أمامهم. السفر إلى الخارج ليس الحل، وإن كان، فهو غير متوافر للجميع، وبالتالي لا بديل من اعطاء الحكومة الجديدة فرصة للعمل حتى يحين موعد الانتخابات المقبلة، وعند الامتحان، يُكرم المرء أو يُهان.

نسب البطالة المرتفعة في صفوف الشباب ستكون من أبرز التحديات أمام الحكومة. أما الحل فهو جزء من الحل الأشمل للبلاد، الاستقرار والنمو الاقتصادي الذي يعيد اطلاق الحركة الاقتصادية في البلاد، وينشّط عمل المؤسسات ويعيد الاستهلاك، مما يدفع المؤسسات لرفع طاقتها الانتاجية عبر توظيف يد عاملة. الحل الأشمل ليس سحرياً، لكنه يأتي في اطار سياسة ممنهجة تتّبعها الحكومة لاعادة الاقتصاد إلى السكة الصحيحة.

اذاً، الحلول موجودة وستبقى رهن اتخاذ الحكومة قرارات حاسمة على صعيد السياسات الداخلية والخارجية. شباب “لبنان الكبير” ينتظر أي بارقة أمل تدفعه للبقاء في أرضه لتفادي تجرّع مرّ الهجرة، وهو لا يريد أكثر من حقه في التعليم، العمل والعيش الكريم.

شارك المقال