الدولار الطازج… حلم مُرّ يراود اللبنانيين

سهى الدغيدي‎‎

حين بدأ استقدام العمال الأجانب إلى لبنان في مرحلة الثمانينيات للعمل في المنازل والمؤسسات، كانت الغالبية تأتي من الفيليبين، نساءً ورجالاً، وجلّهم من حملة الشهادات العليا. إحدى هؤلاء أتت للعمل في بيروت، من أجل جمْع ما تحتاجه من مال للذهاب إلى الولايات المتحدة بغية استكمال اختصاصها في الطب.

عملت في منزل أحد السياسيين اللبنانيين وجَمَعَتْ ما تحتاجه على مدى أعوام ورحلت إلى أميركا. وكان راتبها حينذاك لا يتعدى ال 200 دولار.

غالباً ما كنا نتساءل عن السبب الذي يدفع هؤلاء الى ترك بلادهم وعائلاتهم والقدوم الى بلاد ليست لديهم أدنى فكرة عنها وعن طريقة العيش فيها.

ولكن سرعان ما تبددت غيوم هذه الأفكار في خضم الأزمة الاقتصادية التي يشهدها البلد… لنجد الأجوبة عن تلك الأسئلة التي لطالما راودتنا.

فمن هنا بدأت قصص السعي الى التفتيش عن موارد رزق بالدولار في الخارج. تلك التي تركت عائلتها لتعمل في بلد اَخر، وذاك الذي ذهب ليؤمن مستقبله.

من أجل الدولار الطازج تَغَيَّرَتْ المقاييس في لبنان، وتَبَدَّلَ أسلوب الحياة والعمل. هناك فئة باتت تعيش أفضل مما كانت عليه سابقاً بفضل تبدُّل رواتبها من الليرة إلى الدولار الذي تقبضه كاملاً، وأصحاب هذه الفئة يعملون في مؤسسات غربية أو منظمات إنسانية. وفئة أخرى تستفيد من التحويلات بالدولار من الخارج، على غرار عائلات يعمل أبناؤها في دول الخليج والدول الغربية.

لكن مع تدهور الأوضاع المالية، وانهيار الليرة يوماً بعد يوم، بدأت بعض المؤسسات التي تستقدم متخصصين تخفّض عروض العمل للبنانيين، الذين باتوا يقبلون برواتب أقل بكثير مما كان يعرض عليهم سابقاً، أو حتى العمل في أي وظيفة حتى لو لم تكن تناسب طموحاتهم.

ولأن «الفريش دولار» يتحول يوماً بعد يوم الى السبيل الوحيد للبنانيين للنجاة من الانهيار المتمادي في حياتهم اليومية، أصبح العمل في الخارج هو الحل الوحيد.

شارك المقال