هل ينجح ميقاتي حيث فشل دياب؟

هدى علاء الدين

أكثر من عام مضى على إعلان حكومة الرئيس السابق حسان دياب التوقّف عن سداد الديون المستحقة، والتي كانت تبلغ حينها 1.2 مليار دولار، في خطوة شكلت سابقة في تاريخ لبنان الذي دخل بعدها مرحلة غامضة مع الدائنين في ظلّ اتساع رقعة الاضطرابات السياسية والمالية التي جمّدت مسار المفاوضات وغياب أي مساعٍ جدية من أجل إيجاد الحلول الجذرية، ليساهم هذا التخلّف القسري في خروج لبنان من الأسواق المالية وتصنيف ديونه على أنها ديون متعثّرة. ومع تشكيل حكومة جديدة، تُعقد الآمال اليوم بشكل كبير على معالجة ملف الدائنين وإعادة هيكلة الدين العام، بما يتناسب مع قدرة لبنان على السداد وفق آجال وفوائد جديدة، بعدما لامس عتبة الـ 100 مليار دولار، منها 35 مليار دولار لمحفظة سندات اليوروبوندزوتجاوز حجمه أكثر من 170 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، مسجلاً أعلى معدلات المديونية في العالم.

وفي هذا الإطار، حضّت مجموعة من حملة السندات اللبنانية، الحكومة على بدء محادثات لإعادة هيكلة الديون في أقرب وقت ممكن للمساعدة على التعامل مع الأزمة المالية الطاحنة التي يمرّ بها لبنان منذ عامين. وكشفت المجموعة التي تضم عدداً من الصناديق الكبيرة أبرزها Amudi وAshmore و Black RockوBlueBay وFidelity، إضافة إلى مجموعة من صناديق التحوط الأصغر حجماً، في بيان لها عن وجود آمال وتوقعات بتعزيز الحكومة الجديدة عملية إعادة هيكلة ديون سريعة وشفافة ومنصفة، مشيرةً إلى أنّ مثل هذه العملية ستتطلّب منها الانخراط بشكل مجدٍ مع صندوق النقد الدولي ودائني لبنان الدوليين وشركاء القطاع الرسمي. ووفق تقديراتها، تمتلك هذه المجموعة “حصة حجب” تزيد على 25 في المئة في 40 في المئة من سلسلة السندات اللبنانية المختلفة، لتكون بذلك لاعباً أساسياً في عملية إعادة الهيكلة لا يمكن تجاهله.

وكان تقرير صادر عن “بنك عودة” الأسبوع الفائت، قد أشار إلى مواصلة أسعار سندات اليوروبوندز اللبنانية مسارها التصاعدي مع عودة اهتمام المتعاملين المؤسساتيين الأجانب في ظل المناخ الإيجابي الذي أعقب تشكيل الحكومة، والذي يشكل أرضية خصبة لاستئناف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي وانطلاق المباحثات البناءة مع حاملي السندات، بحيث شهدت سندات الدين الحكومية والتي تستحق ما بين العام 2020 والعام 2037 ارتفاعاً أسبوعياً في أسعارها راوحت ما بين 1.38 دولار و1.88 دولار لتبلغ 15.63-17.25 سنتاً للدولار الواحد مقارنة بـ 14.0-15.38 سنتاً للدولار الواحد في الأسبوع الذي سبقه، لتسجّل بذلك هذه السندات ارتفاعات في الأسعار منذ بداية العام 2021 بين الـ 1.75 والـ 3.88 دولارات.

رحلة ما بعد التوقّف عن السداد، انطلقت كلامياً مع إعلان حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في البند الرابع من بيانها الوزاري نيتها معاودة المفاوضات مع الدائنين للاتفاق على آلية لإعادة هيكلة الدين العام بما يخدم مصلحة لبنان ولا يُحمّل الدولة أعباءً كبيرة، وتبقى انطلاقتها الفعلية في الإجراءات العملية لإعادة الهيكلة وشطب جزء كبير منه قد يصل إلى الـ 70 في المئة وليس إعادة الجدولة التي تهدف إلى زيادة فترة التسديد فقط، تزامناً مع تنفيذ إصلاحات صندوق النقد الدولي التي من شأنها مجتمعة تخفيف الضغط المالي على لبنان وعودته مجدداً إلى الخريطة المالية العالمية. فهل تنجح حكومة ميقاتي حيث فشلت حكومة دياب؟

شارك المقال