تتمسّك مدينة طرابلس بكلّ قوّة أو مبادرة تدفع بها قدمًا اقتصاديًا واستثماريًا سعيًا لجذب كلّ ما يُمكنه تطوير وتحريك عجلتها المالية بغية تخطّي التهميش والقهر اللذيْن ألحقا الضرر بها منذ أعوام، إذ ليست خافية المشاريع التطويرية والمالية التي باتت في أدراج النسيان عند المسؤولين الرسميين الذين لا يهتمّون بهذه المدينة و”كنوزها الاقتصادية” المهملة قسرًا، كمرفأ طرابلس والمنطقة الاقتصادية الخاصّة وغيرها من المرافق الاقتصادية المهمّة شمالًا والتي تتمتّع بمزايا تدفعها لتكون من أبرز القطاعات التي تُنعش الاقتصاد اللبناني لا الطرابلسيّ فقط.
ومع دخول مصر على خطّ تطوير مرافئ لبنان والإسهام في تقديم مساعدات اقتصادية واستثمارية للبلاد، تمكّنت وبعد طول انتظار، من التأكيد على قرار دعم مصر للبنان استراتيجيًا، وأعلنت من طرابلس السعي إلى تطوير مرفأ الفيحاء وذلك في حفل توقيع اتفاقية “مشروع استكمال البنى التحتية في مرفأ طرابلس” في السرايا الحكومية، وهي اتفاقية تمّ توقيعها بين لبنان و”شركة المقاولون العرب” المصرية، بتمويل من البنك الإسلامي للتنمية بمبلغ 87 مليون دولار، وبرعاية رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي.
إنّ هذا المشروع الذي تمّ توقيع المرحلة الأولى منه منذ ساعات، كان قد أعلن منذ أشهر وتحديدًا في 29 تمّوز الفائت فوز “شركة المقاولون العرب” بعقد تطويره، لكن يبدو أنّ هذا الاتفاق سيكون جدّيًا وسيُثمر نتائج إيجابية تنعكس على المدينة اقتصاديًا، على خلاف اتفاقيات أخرى لم تجد نفعًا ولم تتعدّ مرحلة “الشكليات”… ويُمكن التأكيد أنّ هذه الاتفاقية وغيرها تُعدّ مرحلة داعمة لن تقتصر على دعم طرابلس أو العاصمة بيروت فحسب، بل ستكون فاعلة في مختلف المحافظات اللبنانية المختلفة بدءًا من الشمال وصولًا إلى الجنوب، وهذا ما لفت إليه السفير المصريّ ياسر علوي في كلمته التي أشار فيها إلى أنّ الاتفاقية قرار مصريّ “يضع كلّ الإمكانات المصرية بتصرف الأشقاء في لبنان، وكنّا في مقدمة من لبّى النداء بعد انفجار مرفأ بيروت”، وقال: “نحن معكم كتفًا بكتف، وبعد أنْ كنّا في بيروت، اليوم نحن أيضًا في طرابلس، وغدًا في عكار وصور، ومن ثمّ في البقاع وفي كلّ أنحاء لبنان، وستتولّى “شركة المقاولون العرب” وهي أشهر من أن تُعرّف هذه المرحلة من تطوير مشروع مرفأ طرابلس…”.
تامر: لتطوير القوانين الإدارية
بعد الأصداء الإيجابية التي ظهرت بعد عملية التوقيع، يُؤكّد مدير مرفأ طرابلس الدكتور أحمد تامر أنّ هذا المشروع تمّ انتظاره منذ أعوام عديدة، وهو مرحلة تتضمّن أجزاءً كبيرة ومهمّة وسيبدأ المتعهد بالتنفيذ.
ويلفت تامر إلى أنّ هذه الاتفاقية (التي قد يتمّ انتهاء العمل فيها خلال سنتين ونصف السنة)، ستدفع مرفأ المدينة “للتطوّر كثيرًا ليكون من أهمّ المرافئ التي ستجذب شركات عالمية، وذلك بعد التركيز على تطوير كامل وإنشاء مبان جديدة للجمارك والإدارات والجيش والإطفاء، كما أنّ كلّ هذه المباني ستكون مجتمعة في مكان واحد ومرتبطة بتحكّم مركزيّ الكتروني، فضلًا عن تطوير الأرصفة كلّها وصولًا إلى باحة المرفأ الخارجية، كما يشمل البنى التحتية، المستودعات، والمجارير”.
ويقول لـ”لبنان الكبير”: “مصر دائمًا ما تدعم لبنان، وهي لا تقوم بمبادرة تحقيقًا لمصالحها بل بصداقتها الأخوية لبلادنا، لهذا السبب نجدها تدعم بكلّ صدق، وإذا كان المرفأ يعمل بقدرة 40 % مسبقًا، فهو سيعمل الآن بقدرة 100%”.
ويرى تامر أنّ السياسة الحكومية الحالية لها نظرة جديدة، فهي لا ترغب في إرساء التنافس بين المرافئ والقطاعات، بقدر ما تُريد تحقيق التناغم والتعاون في ما بينها للقيام بأدوار تعود بالفائدة على الوطن، “لكن يجب أن تعمل المرافئ وفق خطة اقتصادية واضحة تسعى لتطوير الإدارات المختلفة لا الإدارات المرتبطة بالمرفأ فحسب، كالجمارك مثلًا الذي يُمكن تطوير قوانينه الجمركية والإدارية سعيًا لجذب المستثمرين عبر تسهيل الإجراءات المختلفة، وهذا ما ينعكس على عمل المرافئ أيضًا، لهذا السبب يجب تطوير الإدارات المعنية من جهة القوانين كما الأفراد”.
وعن الشروط التي تجذب المستثمر إلى طرابلس، يُشدّد تامر على أنّ هذا المرفأ يتمكّن من تأمين أسرع ما يُمكن لكن بأقلّ كلفة، مما يدفع كلّ المستثمرين إلى اللجوء إلى مرفأ طرابلس أهم مرفق حيوي ينشط ويتطوّر في عاصمة الشمال.
يجب عليك تسجيل الدخول لكتابة تعليق.