وقف عقود الصيانة والتشغيل… والنفايات إلى الشارع مجدداً

ليندا مشلب
ليندا مشلب

الاسبوع الفائت، اجتمعت لجنة وزارية في السراي الحكومي برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي وتم استدعاء ممثلين لمجلس الانماء والاعمار وبعض الشركات المشغّلة للقطاع العام. الاجتماع بدا عرضيا يندرج في اطار المتابعة لكن الواقع مختلف تماما.

فالمعروف انه ومنذ الـ٢٠٢٠ بدأت تأثيرات الازمة المالية والنقدية تتفاقم على عقود الاشغال العامة الموقعة قبل بدء الازمة وعلى المشاريع التي تتضمنها هذه العقود وابرزها: تراكم المستحقات غير المسددة للشركات والمؤسسات وعلى الرغم من ان عملة معظم العقود الممولة محليا هي بالدولار الا ان التسديد يجري بالليرة اللبنانية على اساس سعر الصرف المحدد من مصرف لبنان اي ١٥٠٧ ليرات، هذا مع العلم ان معظم البضائع والتجهيزات هي مواد مستوردة من الخارج بالدولار الاميركي، بالاضافة الى صعوبة شديدة في فتح اعتمادات لدى المصارف لاستيراد بعض التجهيزات الملحة واللازمة للصيانة والتشغيل عدا عن صعوبة الحصول على الكفالات المالية، وكان من الطبيعي ان يتوقف ازاء هذا الوضع المتردي اجراء مناقصات جديدة (اصلا لم يتقدم اي مهتم او عارض واحد)، الامر الذي يستحيل معه تسعير اي مشروع سواء بالدولار او بالليرة، وقد ادى هذا الامر إلى خلل كبير بسبب عدم التوازن بين الموجبات التعاقدية ومصادر التمويل مما دفع الشركات الى تقديم مذكرة ربط نزاع تحفظ حقها في تقديم طلب تعويضات مالية والبعض منها طالب بتسديد مستحقاته تحت طائلة وقف العمل وخصوصا تلك التي طالبت بتسديد مستحقاتها بالدولار اي عملة العقد ومنهم من ذهب الى اقتراح فسخ العقد حبيا واستلام الاشغال بوضعها الراهن وتصفية مستحقاته…

كل هذه المشاكل البالغة التعقيد ادت عمليا الى توقف العمل في معظم المشاريع الممولة محليا باستثناء عقود التشغيل والصيانة مثل ادارة النفايات وتشغيل وصيانة بعض المنشآت (المطار – المدينة الجامعية – محطات تكرير الصرف الصحي وغيرها) حيث سيؤدي وقف العمل فيها الى وقف الخدمة او تضرر المنشآت مع كل ما يترتب عن ذلك من تبعات.

موقع “لبنان الكبير” استطلع هذه الكارثة من اكثر من مصدر حكومي حالي وسابق وتقاطعت المعطيات حول خطر كبير يتهدّد بعض المرافق العامة فعمليات الصيانة اصبحت على شفير الانهيار خصوصا في المطار والمدينة الجامعية والصرف الصحي وما يتصل بوزارات الاشغال والطاقة والاتصالات (اوجيرو) واذا لم يتم الدفع لهذه الشركات او معالجة مشاكلها المادية ستتوقف عن العمل نهائيا…

وما حصل في الاجتماع الاخير ان اللجنة طلبت جمع المعلومات والارقام لجدولة المشاكل والمستحقات وتجهيز ملف كامل يفترض ان يعرض مجددا على اللجنة هذا الاسبوع.

فمنذ الـ٢٠١٩، يجري الضغط على هذه الشركات لمتابعة عملها لكن الاخيرة ومنذ اسابيع قليلة ابلغت الحكومة انه لم يعد باستطاعتها الاستمرار فالكلفة اصبحت عالية جدا ولا تزال تستوفي مستحقاتها اما على الـ١٥٠٠ السعر الرسمي، او على منصة اللولار (٣٩٠٠) مؤخرا، وطلبت تعديل كلفة العقود الامر الذي يستحيل حاليا لغياب التمويل من الدولة، واهم هذه الشركات التي سيظهر تأثيرها مباشرة هي شركتا رامكو وسيبلو لجمع النفايات وشركة “meas” في المطار وشركة صيانة وتشغيل المدينة الجامعية. كما سينعكس هذا الامر سلبا وبتأثير مباشر على قطاع الاتصالات… اذ ان الترقيع لم يعد ينفع ابدا، حسب المصادر، ونحن مهددون بتوقف العمل في اهم المرافق العامة اذا لم يتم تأمين الـ”fresh money” او ما يوازيها بالليرة اللبنانية وهنا المشكلة الاعظم لان هناك تحذيرات من ان الاحتياجات المالية ستشكل كتلة نقدية كبيرة تؤدي الى التضخم في العملة اللبنانية ولا مجال الا حلّ هذه المعضلة لان الصيانة ليست خيارا ولا يمكن الاستغناء عنها فعدم صيانة المكابح مثلا ينتج عنه امران: اما ركن السيارة جانبا وعدم تشغيلها وهذه مصيبة واما تركها تعمل من دون صيانة مكابح مما يؤدي الى تدهورها وهنا المصيبة اكبر حسب المصادر التي حذرت من تدهور الخدمة التدريجي سائلة ماذا تفعل الحكومة؟!

وتتابع المصادر: “كنا ننتظرها لتعمل وليس فقط لتتشكل ويجب ان تجتمع كل يوم وكل لحظة وليس ان تنتظر حلولا سياسية او جدول اعمال ولا ترفع الجلسة الا بعد وضع الحلول موضع المتابعة والتنفيذ، فالقطاعات تتهاوى وجاء دور شركات الصيانة والتشغيل لتزيد الطين بلة وبعد اسبوعين يمكن ان نصبح امام واقع عدم التحاق الموظفين بعملهم بسبب الارتفاع الكارثي للمحروقات… فعن اي جدول اعمال يتحدثون ولماذا لا تنصب كل الجهود بشكل طارئ وسريع لحل الازمة السياسية والقضائية التي اوقفت معها مجالس الوزراء؟!”.

شارك المقال