هل الدولة عاجزة عن دفع مستحقات المستشفيات الحكومية؟!

فدى مكداشي
فدى مكداشي

أزمة المستشفيات الحكومية هي جزء من الأزمة المالية والاقتصادية الكبرى التي عصفت بلبنان أواخر عام 2019، ولا سيما أن عدداً كبيراً من الممرضين والممرضات والأطباء والموظفين من أصحاب الكفايات خسرهم لبنان بعدما قرروا الرحيل والهجرة إلى الخارج بحثاً عن عيش كريم. وككل المؤسسات العامة التي تدهورت حالها، حال المستشفيات الحكومية في خطر مع التأخر في تسديد رواتب ومستحقات الموظفين والتباطؤ بوضع خطة لتصحيح أجورهم، علماً أن هذه المستشفيات الحكومية كانت العمود الفقري لوضع البلد الصحي خصوصاً أنها تصدّت في مرحلة من المراحل لوباء كورونا بشكل أساسي. أما اليوم، وبدلاً من أن ينتظر هؤلاء العاملون مكافأة قيّمة على جهودهم الجبارة خلال تلك الفترة إلا أنهم ينتظرون الدّولة أن تُفرج عن أموالهم ورواتبهم التي لم يتقاضوها منذ مطلع العام.

فما هو واقع العاملين اليوم في هذه الظروف الاستثنائية، وما هي خطّة وزارة الصحة لمعالجة أوضاعهم المالية؟

في حديث خاص لموقع “لبنان الكبير”، يشير رئيس لجنة متابعة موظفي المستشفيات خليل كاعين الى أن “هناك 4500 موظف في المستشفيات الحكومية نصفهم موزّع بين ملاك المؤسسة العامة والبقية متعاقدون أو أجراء. ومع الأزمة التي عصفت بلبنان بتنا نشهد يومياً خسارة في الطاقم الطبي وبخاصة قطاع التمريض ومختبرات الأشعة الذين يهاجرون إلى الخليج وأفريقيا والعراق بمعاشات زهيدة. وبالتالي، لم يعد بمقدورنا تقديم الخدمات على حسابنا والمفروض على الوزارة إعلان حالة الطوارئ لإنقاذ ما تبقى”.

وطالب كاعين “وزير الصحة بتسديد المستحقات التي لم يتقاضوها منذ مطلع العام ووضع آلية تسهّل استمرارية رواتبهم، لافتاً الى أن مستشفى صيدا الحكومي لديها ثلاثة أشهر تراكمات، ومستشفى حاصبيا لديها 12 شهراً من التراكمات وغيرها مثل مستشفيات سير الضنية وإهدن الحكومي وميس الجبل وجزين الحكومي”. كما طالب الوزارة بـ”حض المستشفيات الحكومية على دفع المنح الدراسية على أساس الضمان، معتبرا أن هناك مفعولا رجعيا لسلسلة الرتب والرواتب منذ إقرارها عام 2018، إذ إن بعض المستشفيات الحكومية لم تلتزم تطبيق قراراتها، مؤكداً في الوقت عينه أهمية إجراء دراسة بدل النقل الجديد وتصحيح الأجور على هذا الأساس، إذ بات أجر الموظف يعادل اليوم أربع تنكات بنزين أسوة بالأساتذة الذين تم تخصيص 90 دولاراً أميركياً لهم عبر صناديق الجمعيات الدولية”.

أمّا بالنسبة للقانون رقم 544 الذي أقرته لجنة الصحة النيابيّة برئاسة النائب عاصم عراجي حول اعتبار المستشفيات الحكومية مؤسسات عامة، يلفت كاعين الى أنه “عُدّل في هذا القانون البند الذي يقضي بإعطاء المستشفيات الحكومية مساهمات مالية توازي قيمة الرواتب الشهرية للعاملين فيها، إلا أنه أحيل من لجنة الصحة النيابية على لجنة الإدارة والعدل بانتظار إقراره ليذهب الى الهيئة العامة، بينما يجب في الوقت الحالي على الوزارة صرف مساهمات عاجلة لحل أزمة الرواتب المستعصية في المستشفيات الحكومية لكن لا يوجد أي توجه في هذا الاطار، مؤكداً ضرورة إعادة موظفي المستشفيات الحكومية الى كنف الدولة العامة ليتساوى كل العاملين وليأخذوا حقوقهم بشكل عادل”.

وعن وعود الوزير السابق حمد حسن بتحسين أوضاعهم المادية بعد الكلام على تخصيص مليون دولار أميركي من البنك الدولي للمستشفيات الحكومية، يرى كاعين أنها “بقيت شعارات واهية، معتبراً أن المصيبة الأكبر هي استمرار التدخلات السياسية في تعيينات مجالس الإدارات التي تمدّد لنفسها لسنوات بحيث لم يعد لأصحاب الاختصاص والكفاءة مكان لهم”. 

إجراءات الوزارة

أما بالنسبة الى خطّة الوزارة والاجراءات المتّبعة من أجل إيجاد حل لهذا الموضوع الذي بات يسوء يومياً مع تدهور الأوضاع العامة في البلاد، يقول مدير عام وزارة الصحة بالإنابة فادي سنان: “أقوم جاهداً بضبط الموضوع لحين صدور المراسيم والقوانين والقرارات من مجلس الوزراء والمجلس النيابي لإنصاف هؤلاء العمال. نحاول مقاربة الموضوع بحسب وضعية كل مستشفى لحين الخروج من الأزمة. نحن بانتظار استقرار سعر صرف الدولار لنحدد تسعيرة موحّدة للقطاع الاستشفائي في لبنان، فأرقام اليوم غير منطقية، ففي حين تسعيرة عقد الوزارة مع أي مستشفى هي 90 ألف ليرة لبنانية، إلا أن كلفة المازوت في المستشفيات تراوح ما بين 350 و700 ألف ليرة على كل مريض، ونأمل إيجاد حلول سريعة لهذه المشكلة”.

وفي الوقت عينه، يشير سنان الى أن الوزارة اطّلعت على رواتب الموظفين كل بحسب منطقته وقامت بدراسة من أجل وضع خطة تساهم في إعطائهم نوعاً من الحوافز المادية “لكي لا نخسر غالبية العناصر الجيدة والكفوءة، مطالباً الموظفين الحاليين بالوقوف معنا كما ساندونا خلال جائحة كورونا لنتخطى الأزمة الصعبة وبخاصة موظفي الوزارة الذين لم يتغيبوا في كل تلك الفترة الصعبة”.

شارك المقال