“خدعة الأرباح” في التسويق الشبكي والهرمي!

راما الجراح

كثيرون سمعوا روايات غريبة وعجيبة في الفترة الأخيرة، إما من أحد الأصدقاء أو من الأقارب، فحواها أنه جاءهم مَن يُخبرهم بأنهم وجدوا عملاً يدرُّ عليهم مالاً كثيراً في مدة قصيرة قياسية. وتضاربت المعلومات عن هذا العمل إذ قيل إن الشخص يجني فيه ما يزيد على 3 آلاف دولار شهرياً، وإنه حلم كل شاب لبناني عاطل عن العمل اليوم بسبب الأزمة الاقتصادية الحادة، وما إلى ذلك من مغريات بنجاح هذا العمل في فترة زمنية خيالية.

يُسمى هذا العمل بالتسويق الهرمي، العمل الذي أصبح شائعاً في مواقع التواصل الاجتماعي وأصبح قيد التداول مؤخراً نظراً للاهتمام الكبير في عملية التسويق عموماً وعملية التجارة الإلكترونية خصوصاً، فما هو التسويق الهرمي وما الفارق بينه وبين التسويق الشبكي وآثاره على الفرد والمجتمع؟

تشرح الناشطة والمسوّقة الإلكترونية “سيرين منصور” الفارق بين المفهومين وتقول لـ”لبنان الكبير”: “التسويق الشبكي هو نوع من تسويق المنتجات أو الخدمات المبني على التسويق التواصلي حيث يقوم المستهلك بدعوة مستهلكين آخرين لشراء المنتج (سلعة) مقابل عمولة، ويحصل أيضاً المستهلك الأول على نسبة من العمولة في حال قيام العملاء ببيع المنتج لآخرين بحيث يصبح المستهلك على قمة هرم ويصبح لديهِ شبكة من الزبائن المشتركين بأسفله، أو عدد من العملاء قام بالشراء من طريقهم، فالمنتج الذي تسوقهُ هذهِ الشركات مجرد ستارة وذريعة للحصول على العمولات والأرباح”.

وتتابع: “أما التسويق الهرمي أو مشروع الاحتيال الهرمي فهو نموذج عمل غير مستقر هدفه جمع المال من أكبر عدد من المشتركين، بينما يكون المستفيد الأكبر هو المتربع على رأس الهرم. يبدأ هذا النموذج بشخص أو شركة في أعلى الهرم يتلخص عملها في إقناع الشخص بالاشتراك أو المساهمة بمبلغ مالي مع الوعد بإعطائه خدمات أو ربح رمزي إن استطاع إقناع آخرين بالاشتراك بعده، بهدف كلما زادت طبقات المشتركين حصل الأول على عمولات أكثر، وكل مشترك يقنع من بعده بالاشتراك مقابل العمولات الكبيرة التي يمكن أن يحصل عليها إذا نجح في ضم مشتركين جدد إلى قائمة الأعضاء. ويركّز هذا المشروع على عملية الانخراط وربطها بالبيع بغض النظر عن نوعية المنتج عينه”.

وتضيف منصور عن التأثيرات السلبية: “أولها الوهم، فكل شخص يعمل في هذا المجال متوهم بأنه سيصبح مليونيراً وأنه فعلاً صاحب وكالة لشركة عالمية، والكثير من الاشخاص الذين يتم اقناعهم بهذا العمل يضطرون إلى بيع الذهب الذي يملكونه لشراء المنتج أو الخدمة التي تسمح لهم بالاشتراك والحصول على وكالة للبدء بعملهم. وعدا عن بيع الذهب هناك العديد استدانوا المبلغ للاشتراك. ثانياً أن هذه الشركات وطريقة عملها محرمة دولياً، لكنها مسجلة ببعض الدول قانونياً وتعمل بطريقة مختلفة عن طريقة تسجيلها لجني الأرباح وعدم مقايضتها”.

من الناحية القانونية تشير إلى أنه “يعتبر البيع الهرمي ممنوعاً قانوناً في العديد من الدول، إلا أن الشركات الجديدة التي تنشأ تتحايل دائماً لإخفاء طريقة عملها ويظل الضحية هو الوحيد الذي بإمكانه كشف ذلك لكن أمام عدم معرفة زبائن هذه الشركات بعدم قانونية عمل الشركات فإنهم غالباً يبقون في دوامة البيع الهرمي ويسعون بدلاً من ذلك لجذب ضحايا جدد حتى يتمكنوا من استرجاع استثمارهم الأصلي مما يجعل من الصعب اكتشاف هذه الشركات ومتابعتها قضائياً”.

وبحسب رأيها “لستَ موظفاً في هذه الشركات، وليس لديك عقد عمل، ولا ضمانا صحيا، ولا حتى راتباً ثابتاً آخر الشهر، تجني المال بقدر اقناعك للناس، وهذا النوع من العمل ممكن أن ينتهي في أي وقت يريده صاحب الفكرة والذي هو على رأس العمل، وهكذا يخسر كثير من الناس أموالهم. والمضحك المبكي أنه كيف لشركة عالمية ومهمة كما تدّعي أن تطلب من الناس الدفع لها للانتساب إليها لانها ستبيعهم منتجاً سيروجون له؟ هذه الشركة لا يهمها الكفاءة ولا العلم او الشهادات، كل همها اقناعك وكسب المال على حسابك”.

وتتأسف أن “هذا النوع من العمل ينتشر كثيراً في البلاد التي يعاني اقتصادها من أزمات حادة وشبابها يئسوا من الوضع المعيشي، فيبدأون إقناع الناس أنهم سيجنون الأرباح بالدولار، وبهذه الحالة تتحسن أحوالهم”.

وتروي إحدى ضحايا هذا التسويق قصتها: “اشتركت بأرخص “منتج” كلفته نحو 250 دولاراً وذلك بعد بيعي عقداً من الذهب، عملت معهم ثلاثة أشهر وهم يقولون لي إنني يجب أن أكون محترفة بإقناع الناس كي أبدأ كسب المال. وللأسف دخلتُ سوق هذا العمل من دون أن أفهم أي تفاصيل عن أساسه، لكن الحاجة المادية أغرتني لأنتسب إلى الشركة”.

ورواية أخرى لإحدى الفتيات تقول فيها لـ”لبنان الكبير”: “دخلتُ بأغلى منتج معهم كي أجني أرباحاً أكثر، وبدأت إقناع الناس، حتى سألني أبي ذات يوم عن تفاصيل عملي وعندما شرحت له أكد لي أن هذا النوع من العمل هو نصب وحرام ونوعٌ من أنواع الربى، وتأكدت من ذلك بعدما سألت أحد المشايخ، وأيضاً بدأت أبحث أكثر في غوغل عن التسويق الهرمي والشبكي وأشاهد فيديوات حتى أدركت أنني في المكان الخطأ، وأنهم يحاولون اقناعنا بأن عملهم شبكي وليس هرمياً لكن بالفعل هي الآلية عينها وهم يعملون هرمياً تحت مسمى الشبكي”.

شارك المقال