أرباح طائلة للمصارف من حسابات الـ”فريش دولار”… أين الرقابة؟

محمد شمس الدين

القطاع المصرفي في لبنان أصبح هو الشرير في بلد منهار مالياً واقتصادياً، واليوم يتم تداول معلومات عن أن المصارف تحقق أرباحاً تقارب الـ 12 مليون دولار كعمولات من معاملات وحسابات الفريش دولار، في ظل غياب تام للجنة الرقابة على المصارف. هذه الأرباح تذهب إلى جيبة أصحاب المصارف كما يتداول، بدلا من أن يكون هناك لجنة ما يتمثل فيها المودعون تعيد لهم بعضا من أموالهم، فهل هذه المعلومات صحيحة؟ وماذا تقول المصارف؟

جباعي: المصارف فراعنة البلد الجدد

أكد الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور محمود جباعي، في حديثٍ لموقع “لبنان الكبير”، أن “المصارف التجارية تحقق أرباحا ضخمة عبر العمولات التي تفرضها على عمليات سحوبات أو تحويل الفريش دولار، وتتم هذه العمليات من دون حسيب أو رقيب، ولجنة الرقابة على المصارف لا تؤدي دورها”. وأشار جباعي الى أن العديد من عملاء المصارف تشكو من العمولات المرتفعة التي تفرضها عليهم المصارف في معاملاتهم، متسائلا: “طالما هناك ربح من العمولات، لماذا لا تعاد بعض أموال المودعين؟ ولماذا لا يوجد سلطة تحدد نسبة الأرباح؟ وكم المبالغ التي من الممكن إعادتها للمودعين؟ للأسف دائما في هذا البلد المودع يدفع الثمن، بسبب سياسات وقرارت سحوبات خاطئة، ودائماً (الهيركات) يكون فوق الـ70%، لا يوجد آلية حقيقية لإعادة أموال الناس، المصارف تتصرف كالفراعنة الجدد في هذا البلد، ولا يوجد من يقف ضدهم، بل هناك نواب ووزراء تشكّل حزب المصارف، وهم الحزب الأقوى في البلد، أي قرار يضر بمصلحة المصارف يوقفونه، وأي قرار يكون لمصلحتها ولو على حساب المودع يجتهدون لأجله”.

المصارف: عمولاتنا بالكاد تكفي مصاريفنا التشغيلية

وللوقوف على صحة هذه المعلومات، تواصل موقع “لبنان الكبير” مع الوحدة الإعلامية لجمعية المصارف، التي أكدت أن “العمولات التي تحققها المصارف من معاملات الفريش دولار بالكاد تكفي المصاريف التشغيلية، والدليل على ذلك تقليص عدد الفروع لعدة مصارف لتخفيف الكلفة، بل أن هناك بعض المصارف تفتح ثلاثة أيام في الأسبوع لتخفيض الكلفة عليها، وهذه المصاريف تشمل كل الأدوات التشغيلية لأي مؤسسة بالإضافة إلى كلفة البرامج والتطبيقات وتطويرها واتصالها الدائم بالشبكة”.

وتابعت: “المصارف اليوم ميزانياتها تحقق خسائر منذ العام 2020، فالدولة توقفت عن السداد، ومصرف لبنان وضع حدوداً للسحوبات حتى على الحسابات الجارية، ولا يوجد تسليفات اليوم، وكل بنك يضع عمولات بحسب حجمه وقدرته، مقابل خدمات يقدمها بالكاد تكفي مصاريفه التشغيلية”.

بلاد العالم الناجحة تتسم بأعلى الشفافية، وهذه الشفافية تفرضها الحكومات على القطاعين العام والخاص، وإلا كيف يمكن للمواطن معرفة الحقيقة في ظل وجود آراء مختلفة؟ كيف يمكن للمواطن الحكم على أداء المصارف إن لم تنشر تفاصيل معاملاتها لجنة الرقابة على المصارف؟

إن كانت هذه المصارف تحقق أرباحا ضخمة يجب أن تفرض عليها الدولة إعادة أموال المودعين، وإن كانت فعلاً تخسر وبالكاد تكفي مصاريفها التشغيلية، فيجب أن تجتمع الدولة مع القطاع المصرفي والمودعين لوضع الخطط المناسبة، اليوم لا يمكن لوم التاجر لأنه يريد أن يحقق ربحاً ويحافظ عليه، بل تُلام الدولة الغائبة التي جعلت البلد دولة فاشلة.

شارك المقال