أين المصارف اليوم بعد عامين على الأزمة؟

المحرر الاقتصادي

أمّا وقد تحدد حجم الخسائر في القطاع المالي بين 68 مليار دولار و69 ملياراً، فهل هذا الأمر يعني أن مشوار التفاوض الجدي مع صندوق النقد الدولي قد بدأ فعلاً. صحيح أن الناطق باسم الصندوق جيري رايس أعلن منذ أيام أن “تقدماً كبيراً” تحقق في تحديد الخسائر، لكنه أشار إلى أن هذه المسألة “لم تحسم نهائياً بعد”. فالصندوق “يعكف على تقويم” حجم خسائر القطاع المالي في لبنان. على أن إنضاج اي اتفاق مع الصندوق يجب أن يرتكز الى خطة إنقاذ وإصلاحات هيكلية شاملة من شأنها إعادة لبنان واقتصاده إلى مسار التعافي.

على أي حال، لا شك أنّ تحديد حجم الخسائر المالية هو تقدم ايجابي وجوهري، لكونه يفتح كوة في الباب الموصد أمام المودعين لحصولهم على جنى عمرهم ومستحقاتهم القانونية. لكن هذا الأمر يحتاج طبعاً الى توافق سياسي لتوزيع هذه الخسائر بين الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين، والنسب التي يُفترض كل طرف من هذه الأطراف تحملها.

نائب رئيس الحكومة رئيس اللجنة المكلفة التفاوض مع صندوق النقد الدولي سعادة الشامي قال في هذا الخصوص إن الحكومة “ستحاول الحفاظ على أصل الوديعة وبدون هيركات، واذا صاحبها حصل على فوائد مرتفعة فليتحمل جزءاً من الخسائر”. وأعلن احتمال التوصل إلى اتفاق مبدئي بين لبنان والصندوق ما بين كانون الثاني وشباط، لكنه استدرك قائلاً: “لا توجد مهلة محددة”.

ويحتاج الاتفاق المبدئي بين لبنان وصندوق النقد الى حكومة فاعلة تعقد اجتماعات دورية بهدف إنجاز خطة التعافي وتطرح حلولاً لمعاناة اللبنانيين الذين بات معظمهم في عداد الفقراء.

القطاع المصرفي اليوم

وسط هذه الأجواء، لا بد من رسم صورة عما بات عليه القطاع المصرفي اليوم بعد عامين على اندلاع الأزمة الاقتصادية العميقة وتشعباتها، وفق آخر المؤشرات الصادرة في تقرير بنك عوده:

– أولاً، تطور الودائع: سجل القطاع المصرفي في هذه الفترة تراجعاً تراكمياً في ودائعه الاجمالية بقيمة 36.7 مليار دولار ما بين تشرين الاول 2019 والشهر عينه من العام 2021. وقد تراجعت ودائع الزبائن من 168.4 مليار دولار الى 131.6 ملياراً، أي بما نسبته 22 في المئة. وسجلت ودائع المقيمين تراجعاً بقيمة 27 مليار دولار، في حين انخفضت ودائع غير المقيمين بواقع 9.7 مليارات دولارت. كذلك، تراجعت الودائع بالعملات الأجنبية بـ18.2 مليار دولار خلال العامين المذكورين لتصل الى 105.4 مليارات دولار. أما الودائع بالليرة، فانخفضت بقيمة 27.9 تريليون ليرة لتصل الى 39.5 تريليونا في نهاية تشرين الاول 2021. وكنتيجة لهذه التطورات، ارتفعت الدولة في الودائع الى 80.1 في المئة في نهاية تشرين الاول 2021 من 73.4 في المئة في الشهر عينه عام 2019.

– ثانياً، تطور التسليفات: في إطار جهود المصارف لتقليص محفظتها من الديون، سجلت التسليفات تراجعاً تراكمياً بواقع 25 مليار دولار . اذ انخفضت محفظة التسليفات الى 29.2 مليار دولار في نهاية تشرين الأول 2021 من 54.2 ملياراً نهاية تشرين الاول 2019. ويمثل سداد القروض ما نسبته 68 في المئة من تقلص الودائع خلال 2019 و2021. وقد تراجعت التسليفات بالعملات الاجنبية بواقع 21.2 مليار دولار، في حين تراجعت التسليفات بالليرة بواقع 5.7 تريليونات ليرة. وبنتيجة هذا التراجع، انخفضت الدولرة في التسليفات الى 58.1 في المئة في تشرين الاول 2021 من 70.4 في المئة في تشرين الاول 2019.

– ثالثاً، معدلات الفائدة: تراجعت معدلات الفائدة بواقع 769 نقطة اساس على الودائع بالليرة، وبـ738 نقطة أساس على الودائع بالدولار. وقد هبط متوسط معدل الفائدة على ودائع الليرة الى 1.34 في المئة في تشرين الاول 2021 من 9.03 في المئة في تشرين الاول 2019. أما متوسط معدل الفائدة على ودائع الدولار فتراجع الى 0.23 في المئة من 6.61 في المئة.

– رابعاً، سيولة المصارف: تراجعت سيولة المصارف بالعملات الأجنبية في الخارج بواقع 3.7 مليارات دولار: تراجعت مطالبات المصارف على القطاع المالي غير المقيم إلى 4.7 مليارات دولار في تشرين الاول 2021 من 8.4 مليارات في تشرين الاول 2019. ومرد هذا التراجع استخدام المصارف لسيولتها الخارجية من أجل سداد قيمة السحوبات.

– خامساً، محفظة سندات اليوروبوندز: تراجعت محفظة المصارف من سندات اليوروبوندز بواقع 7.9 مليارات دولار بسبب قيام بعضها ببيع حيازاته من هذه السندات. وبلغت هذه المحفظة في نهاية تشرين الاول 2021، مبلغ 6.8 مليارات دولار مقابل 14.8 مليار دولار في تشرين الاول 2019.

– سادساً، الأموال الخاصة: تراجعت الاموال الخاصة للمساهمين بـ3.7 مليارات دولار من 20.6 مليار دولار في تشرين الاول 2019 الى 16.9 مليار دولار في تشرين الاول 2021.

شارك المقال