بعد اللحوم… أسعار الخضار تحلّق والمواطن الضحية!

فدى مكداشي
فدى مكداشي

الإنهيار الحاصل في لبنان لم يرحم أي قطاع من قطاعات الإنتاج اللبنانية. أصاب فيما أصاب القطاع الزراعي بحيث انعكس على أسعار المنتجات الزراعية ارتفاعا فاق التوقعات وأصبحت بعض أصناف المزروعات بمثابة منتجات كمالية يحلم المواطن اللبناني بشرائها حتى ولو في ظروف موسمية. فالأوضاع السائدة وسوء العلاقات الخارجية للبنان مع الكثير من دول المنطقة والعالم اقفلت متنفس القطاع الزراعي عبر حظر الصادرات وتكديس المنتجات التي كانت تعتبر الرئة التي يتنفس منها القطاع. كان من الممكن معالجة مشكلة واحدة تطال القطاع وتؤثر في تطوره؛ لكن كيف يمكن معالجة مشاكل بالعشرات معقدة ومتداخلة تفتك بنفس القطاع وتعيق تطوره ونموه؟ 

أسباب الارتفاع

وعن أسباب ارتفاع أسعار المنتجات الزراعية اللبنانية، قال رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع ابراهيم الترشيشي: “كنا قد رفعنا الصوت في أيلول أننا مقبلون على نقص في الإنتاج وسترتفع الأسعار لأن ليس كل المزارعين سيستطيعون أن يزرعوا خاصّة أن تنكة المازوت أصبحت ٤٠٠-٥٠٠ ألف ليرة، أي أن الإنتاج اليوم لا يتخطى الـ٢٥ في المئة. وعندما يكون المحصول قليلا يزداد الطلب مما يؤدي الى ارتفاع الأسعار حتما جرّاء زحمة العيد. هذا بالإضافة الى أن تدني درجات الحرارة يُعيق الإنتاج”.

وحول الكلام عن أن نسبة التصدير الى الخارج انخفض بسبب الأزمة، أوضح ترشيشي أن “هذا أمر غير دقيق لأن إنتاجنا أيضا ذهب الى مصر والعراق والأردن وبالتالي باقي الأسواق لا تزال طبيعية إلا أننا لا يمكننا أن ننكر اليوم بأننا تأثرنا بالسوق السعودية ونتلقاه بحسرة”.

احتكار المزارع أو التاجر؟

وعما إذا كان المزارع يحتكر بعض الأصناف، نفى ترشيشي ذلك شارحا أن “أصناف الخضروات المعرّضة سريعا للتلف مثل البندورة أو الخيار أو الكوسى هذه المنتوجات يقطفها المزارع ويعرضها للبيع فورا. أما إذا أخذنا الأصناف التي يمكنها أن تخزّن كالعنب والتفاح والبطاطا لا يوجد فيها احتكار خاصة أنه يتم بيعها بالأسعار عينها التي كانت منذ شهرين لكن الطلب على العنب اللبناني كبير والأمر عينه بالنسبة للطلب على البطاطا فارتفاع سعرها هو ارتفاع عالمي”، لافتا في الوقت عينه إلى أنه “إذا أردنا أن نستورد البطاطا المصرية سيكون سعرها مرتفعا وسيشكّل صدمة للمستهلك اللبناني وبالتالي لا أمل في انخفاض الأسعار. أمّا المنتجات الزراعية الأخرى مثل الخيار والبندورة والكوسى والقرنبيط يمكن أن ينخفض سعرها بسبب غزارة الإنتاج، آملا أن يحافظ سعر الدولار على حاله”.

المنتج اللبناني والدولار

وعن أسباب احتساب أسعار المنتج اللبناني على سعر الدولار في السوق الموازية، اعتبر ترشيشي أن “هذا الأمر بات طبيعيّا وعلى الناس أن تتقبّله خاصّة أن كلفة إنتاج المزارع أصبحت على الدولار بما فيها إيجار الأرض وثمن الأسمدة والأدوية والبذور والمحروقات كلها ترفع الكلفة، مشيرا في الوقت عينه الى أن المزارع اليوم يغامر بكل رأسماله لأن الدفع كله بالكاش أما المزارع الذي ليس لديه الكاش سينتظر الفرج خاصة أن أمواله محجوزة في المصارف. كما أن غياب الدولة وضعفها وعدم مدافعتها عن المزارعين سيضعف قوة المصدّر اللبناني. أمّا بالنسبة للتهريب نحن ندين كل هذه الأمور ونطالب الدولة بتشديد المراقبة على كل المرافق الحيوية لأن هذا القطاع أصبح مستهدفا مثل حال البلد”.

واقع المزارع

من جهته، أشار رئيس جمعية المزارعين اللبنانيين أنطوان الحويك الى أن “أسعار كل الخضار لم ترتفع بشكل كبير إنما بشكل متفاوت. اليوم توقّف الصادرات منع بعض الأصناف التي كانت تصدّر من أن ترتفع أسعارها بشكل كبير مقبولة بسبب توقف التصدير”.

كما أشار الحويك إلى أن “المزارعين توقفوا عن زرع أراضيهم، خاصة أن المساحات الزراعية انخفضت لأن الإمكانات عند المزارعين أصبحت ضعيفة فالذي كان لديه أموال في المصارف حُجزت أمواله. وثانيا لكي يزرع المزارع عليه أن يستدين من شركات البذور والأسمدة والأدوية للموسم أما الآن هذه الشركات تطلب “الفريش” عند الاستلام، لافتا إلى أن هذه المناطق اليوم شبه توقّف إنتاجها في الخيم البلاستيكية والمساحات المزروعة أقل بكثير من العادة”.

وطالب الحويك بـ”وضع سياسة جديدة تزيد من نسبة الزرع لكي يزداد العرض أكثر من الطلب من خلال تأمين المواد الأولية كالأسمدة والبذور والشتول وهذا يتطلب تدخلا من قبل الحكومة ضمن استراتيجية متكاملة”.

شارك المقال