“نصيحة” أميركية للمصارف: امتثلوا وإلاّ…

المحرر الاقتصادي

في التجمع المصرفي العربي – الأميركي الافتراضي الذي نظمه اتحاد المصارف العربية، بمشاركة مساعد وزير الخزانة الأميركية لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب إليزابيت روزنبرغ بعنوان “مكافحة الفساد، والامتثال لمعايير AMLA 2020″، وهي القوانين الأميركية المستجدة لمكافحة تبييض الأموال. ووجهت المسؤولة الأميركية العديد من الانتقادات الى القطاع المصرفي اللبناني الذي شبّهته بأنه تحوّل إلى قبو لا تستطيع الوصول إليه إلا قلة مختارة منذ تخلف لبنان عن سداد سنداته عام 2020. وإذ أكدت أن “حزب الله” لا يزال يمرّر عشرات الملايين من الدولارات إلى وكلائه، هدّدت المصارف عموماً بوجوب الامتثال الى القوانين على الرغم من ارتفاع كلفة هذا الأمر، على اعتبار أن “كلفة الامتثال أرخص بكثير من كلفة عدم الامتثال”.

فروزنبرغ قالت: “إن حزب الله لا يزال يمرّر عشرات الملايين من الدولارات إلى وكلائه – ليس فقط باستخدام حاملي النقود – لكن من خلال المعاملات المصرفية وعمليات صرف العملات. في الصومال، تقوم حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة بتبييض جزء كبير من إيراداتها السنوية البالغة 100 مليون دولار من خلال شركات تمثل واجهة لأعمالها. تقع على عاتق كل فرد منخرط في النظام المالي العالمي مسؤولية ضمان عدم تمكن الإرهابيين من خضوعه لاستخدامهم. هذه الرسالة هي عينها كما كانت في أي وقت مضى”.

وأكدت روزنبرغ للمشاركين أن “تمويل الإرهاب ليس التهديد الوحيد الذي يعاني منه نظامنا المالي”، متحدثة في هذا الإطار عن بروز طفرة عالمية في الفساد في العقود الماضية. فـ”في جميع أنحاء العالم، سعى بعض الأفراد إلى تجنب الضرائب والتعتيم على ملكيتهم ونقل الأصول التي قد تكون أرباحاً من المكاسب غير المشروعة. ويقوم هؤلاء الأفراد بغسل أصولهم بشكل متزايد من خلال شبكات معقدة من الشركات الوهمية أو المعاملات التي تنطوي على الفن والعقارات وأحيانا العملات المشفرة. في بعض الأحيان تكون هذه المكاسب غير مشروعة، كما هي الحال عندما يسحب الفاسدون الأموال من الخزينة العامة، وأحياناً يتم كسبها بطريقة مشروعة ولكنها مخفية للتهرب من الضرائب”، قالت روزنبرغ.

وأشارت ألى أن “هناك أمرين يربطان بين جميع أعمال الفساد، وهما:

أولاً: يأخذ الفاسدون الموارد من المواطنين العاديين، ويقوضون الثقة العامة، وفي نهاية المطاف يهددون أسس المجتمع العادل.

ثانيا: يتدفق كل فعل من أعمال الفساد تقريباً من خلال النظام المالي الرسمي، وهو النظام الذي نشكل جميعناً جزءاً منه، مما يعني أننا جميعاً لدينا القدرة والمسؤولية لإيقافه”.

وشدّدت على أن الولايات المتحدة ملتزمة الآن أكثر من أي وقت مضى القيام بدورها في وقف الفساد العالمي، وأن إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن حددت مكافحة الفساد باعتبارها أحد الاهتمامات الأساسية للأمن القومي، وعرضت مبادرات لمكافحة الفساد في أول قمة على الإطلاق للديموقراطية في كانون الأول 2021.

واستندت المسؤولة الأميركية الى حالة لبنان في الفساد، فقالت: “يعاني لبنان، حسب البنك الدولي، واحدة من أسوأ ثلاث أزمات مصرفية منذ العام 1857. تقلص اقتصاد الدولة بنسبة تزيد عن ثلاثين في المئة من حيث القيمة الحقيقية ما بين عامي 2019 و2021. وقد انجرف نصف السكان تحت خط الفقر وأصبح النقص في الوقود وحليب الأطفال وحتى أدوية السرطان مكاناً شائعاً”.

أضافت: “إن اللبنانيين وضعوا أموالهم في مصارف البلاد، وهم كانوا واثقين أنهم سيكونون قادرين على سحبها عندما يريدون، لكن هذا ليس ما حدث. منذ تخلف لبنان عن سداد سنداته عام 2020، أصبح النظام المصرفي في البلاد فعلياً قبواً لا يستطيع الوصول إليه إلا قلة مختارة”.

ووجّهت كلامها الى القطاع المصرفي عالمياً واقليمياً ومحليا، قائلة: إن “العديد من المصارف لم تفعل ما يكفي. نحتاج جميعا إلى توخي اليقظة للتأكد من أن مصارفنا ومصرفيينا لا يسهّلون الفساد. في البلدان في جميع أنحاء المنطقة، شهدنا اتجاهات سعى فيها بعض الأشخاص البارزين سياسياً إلى إخفاء مكاسبهم غير المشروعة من خلال عمليات النقل إلى السلطات القضائية الثانوية، سواء تحت أسمائهم أو بأسماء أفراد الأسرة والمنتسبين. هذا أمر تقع على عاتق المصارف مسؤوليته، بل واجب، لتحديده وإيقافه”.

وأكدت: “سنكون جميعاً أقوى وأكثر أماناً، إذا قام كل مصرف ببناء برامج امتثال قوية وحافظ عليها”.

وشددت على وجوب التحول إلى الامتثال على الرغم من تكاليفه. فـ”تنفيذ برنامج جيد لمكافحة تبييض الأموال يتطلب المال والقوى العاملة. لكن كلفة الامتثال أرخص بكثير من كلفة عدم الامتثال”.

شارك المقال