“لبنان الكبير” يكشف تفاصيل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي

ليندا مشلب
ليندا مشلب

بعبارة il ne faut pas dramatiser la situation (لا يجب جعل الوضع دراماتيكياً) يوجز مصدر حكومي رفيع واقع المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.

ويقول لـ”لبنان الكبير”: “هذا برنامج يتضمن الكثير من الشروط الأولية واللاحقة، ويمتد على أربع سنوات، ويحصل بموجبه لبنان على ٤ مليارات دولار. والاصلاحات التي يجب أن نلتزم بها متدرجة، لكنها ضاغطة أكثر من البلدان الأخرى التي التزم معها الصندوق، لأن الحالة الاقتصادية والنقدية لدينا صعبة جداً ونحن نستنزف يومياً من احتياطنا بالعملة الصعبة. من هنا يطلب الصندوق أن تحصل مجمل الاصلاحات والاجراءات الوازنة أو ما يعرف بالـ front loaded، في فترة الأشهر الثلاثة أو الستة الأولى لأن الوقت ليس لصالحنا. لذلك يرى الصندوق أنه علينا القيام بها في أسرع وقت ممكن. هو يريد إقلاعاً سريعاً للطائرة حتى تصل الى الارتفاع المطلوب، ونحن نقول له إن هذا الأمر غير ممكن ونفضل اتباع السرعة البيانية خاصة في ما يتعلق بالتشريع”.

هذا الأمر، كما يوضح المصدر، “لا يزال موضع بحث بيننا وبين الصندوق، لكننا أصبحنا تقريباً متفقين على معظم المؤشرات، وبقيت نقاط قليلة موضع تفاوض كمثل الشروط وما إذا يجب أن تكون مسبقة أو لاحقة، ووضع قانون إطار لاعادة هيكلة المصارف”. وفي هذه النقطة، يكشف المصدر أن الصندوق يصر على هذا الشرط المسبق حتى يقدم برنامج الاتفاق الى مجلس إدارته، “فيما نحاول نحن أن نشرح له أن إقرار هكذا قانون صعب، ونقترح عليه في المقابل أن يتم إدراجه في الاتفاق على شاكلة مشروع قانون صادر عن الحكومة تلتزم به وليس كقانون يقر في مجلس النواب، لأنه سيكون صعباً اجتماع المجلس بعد أواخر هذا الشهر. فعملياً، لم يعد لدينا أكثر من 25 يوماً… اي أنها عملية جدولة وبرمجة للمواقيت وليست اختلافاً على السياسة العامة والتصحيح والاصلاح”.

حسب المصدر، لا يحبذ وفد الصندوق القوانين الافتراضية بل يريدها واقعية مشرّعة من البرلمان، “لكن الواقع أن الامور أصبحت صعبة، فلا يمكن إصدار هذه القوانين ضمن السرعة المطلوبة كما هو حال الموازنة مثلاً التي لا تزال في لجنة المال والموازنة منذ أكثر من شهر”.

ويضيف: “”نحن كمجلس وزراء، ملتزمون بما نتعهد به، كما أبلغنا الصندوق التزامنا بأن تصدر القوانين من مجلس النواب، لكن ذلك يحتاج وقتاً، وهذا دور المفاوضات، أي بما أننا متفقون على القرارات والإجراءات، والنقاش القائم حالياً يتعلق بتراتبية البرنامج وتوقيته sequencing”.

شروط الصندوق المسبقة

ويكشف المصدر أن الشروط المسبقة للصندوق من أربعة عناوين؛ ثلاثة منها مرتبطة بالقطاع المصرفي والرابع يتعلق بالموازنة.

في ما خص القطاع المصرفي، يطلب الصندوق:

  • وضع إطار قانون إعادة هيكلة المصارف، لكن قانون النقد والتسليف لا يمنح المصرف المركزي صلاحية إنجاز هذا الأمر. فجل ما يستطيع فعله هو دمج مصرف صغير مفلس مع آخر كبير، وليس على مستوى أوسع.
  • إقرار قانون “الكابيتال كونترول”.
  • تعديل قانون السرية المصرفية.

وبالنسبة الى توحيد سعر الصرف، لا تحتاج هذه الخطوة إلى مجلس النواب ويمكن للمصرف المركزي أن يقوم بهذا الإجراء. “اتفقنا مع الصندوق على وضع مؤشرات هيكلية أساسية تلتزم الحكومة القيام بهاstructural benchmarks) ) تُعتمد كمعيار أو مرجع، وأنه كل 3 أشهر نجتاز مرحلة جديدة بعد التأكد من تنفيذ المرحلة السابقة. فالبرنامج سيمتد من حزيران 2022 الى حزيران 2026، وسيمدنا الصندوق بـ4 مليارات دولار يصار الى تقسيمها على دفعات عدة لم تحدد وترُكت مرتبطة بتنفيذ الشروط… أي بالعربي المشبرح (اديش منكون شاطرين ومنعمل اصلاحات بيعطونا مصاري)”، يقول المصدر.

ويتابع: “لكن هذه المليارات ليست لاستمرار الانفاق كما نحن عليه اليوم وليست لشراء الأوكسجين لنستمر بالحياة، انما لنبدأ بانتاج الاوكسجين وصناعته. علماً أن برنامج الصندوق والتمويل هو شهادة حسن سلوك ستمكننا من إعادة الثقة وإعادة احياء الاقتصاد وفتح الأبواب مجدداً أمام مؤتمر الدول المانحة لإنشاء صندوق لدعم لبنان. نحن بحاجة من المانحين الى 20 مليار دولار تضاف الى المليارات الـ4 من صندوق النقد الذي سيفتح لنا النافذة على المجتمع الدولي، وبعدها تنطلق العجلة، وتقلع الطائرة تدريجياً الى أن تصل الى العلو اللازم لتتمكن من التحليق بشكل مستقيم وثابت، وهذا يحتاج إلى زخم وطاقة وصلابة في تنفيذ البرنامج، وإرادة لطي الصفحات السود. والأهم البدء بقلب اقتصادنا والسياسات المعمول بها منذ سنوات 180 درجة. كما علينا الافادة من هذا الدعم، فالبعثة الموجودة في لبنان هي أول بعثة تسمح لها إدارة الصندوق بأن تسافر من واشنطن الى لبنان بعد حصولها على إذن المديرة العامة للقيام بمهمة التفاوض. مع العلم أن النقاشات في السنوات الثلاث الأخيرة كانت تتم الكترونياً”.

ويكشف المصدر أخيراً أنه اذا تم الاتفاق على النقاط العالقة، فسيتمكن الطرف اللبناني من التوقيع على الأحرف الأولى للاتفاق مع الصندوق قبل مغادرة الوفد الجمعة. و”اذا لم يحصل هذا الأمر، فسنكمل التفاوض الاثنين عن بعد، بعدما يكون الوفد قد عاد الى إدارته في بعض القرارات، على أن مهلة التوقيع يجب ألا تتعدى أواخر نيسان الجاري”.

شارك المقال