خطة الكهرباء الجديدة “مورفين” انتخابي!

فدى مكداشي
فدى مكداشي

ملّ الشعب اللبناني من وعود تأمين الكهرباء 24/24. فمنذ سنواتٍ وعقود وهو يأمل في زيادة ساعات التغذية، إلى أن وقع اليوم ضحية “كهرباء الدولة” الغائبة ومافيا أصحاب المولّدات معاً، في ظلّ أزمةٍ شاملة غير مسبوقة تُحاصره من كلّ الجهات.

حين أقر مجلس الوزراء قبل أيام خطة الكهرباء الجديدة – القديمة اعتقد الناس أن الحكومة الحالية عازمة على تخفيف الضغط عنهم من طريق ساعات التغذية التي لا تتجاوز الساعتين في اليوم، لكن هذه النفحة التفاؤلية تلاشت بعدما تبين أن الخطة أشبه بابرة مورفين للناس عشية الانتخابات النيابية. فما هي العراقيل التي تواجه الخطة؟

بيضون: الدولة غير قادرة على تمويل المحروقات

أوضح المدير العام للاستثمار في وزارة الطاقة والمياه السابق غسان بيضون لموقع “لبنان الكبير” أن “الدّولة غير قادرة على تمويل المحروقات وما يلزم لتشغيل المعامل القائمة لتأمين التغذية كما يجب”، معتبراً أن “إنتاج الكهرباء لا يمكن أن يزدهر إلا من خلال استقرار الوضع النقدي والمالي والاقتصادي الذي يسمح للمتموّل بأن يسترد أمواله في حال الاستثمار”.

ولفت إلى “إعادة إقرار تلزيم معمل دير عمار وهو في الأصل ملزّم ولكن هناك مشكلة مع المتعهّد والأرض التي يُراد أن يُبنى عليها المعمل”، شارحاً أنه “في العام ٢٠١٨، تسلم وزير الطاقة السابق سيزار أبي خليل كتاباً من المتعهّد يتضمن أن يتولّى المتعهد نفسه تنفيذ المعمل بطريقة نظام الـBOT بدلاً من الـEPC أي يموّله ويبنيه ويستثمره ويديره ويسترده في نهاية السنوات. وقد وضع الوزير في كتابه لمجلس الوزراء أن هذا التلزيم سيكون على أساس سعر ٢.٩٥ سنتاً بدل تحويل كل كيلوواط. وهذا كان مبلغاً يدعو الى التساؤل فكيف يتم تسعير البواخر بـ٥.٨٥ سنتاً؟ وبالتالي هناك نوع من الغموض. أما مجلس الوزراء، فقد وافق على العرض آنذاك وطلب من الوزير التفاوض مع المتعهّد وجلب مشروع العقد، وهذا الحديث مثبت في قرار مجلس الوزراء رقم ٨٤ تاريخ ٢١/٠٥/٢٠١٨. حينها، خرج الوزير جبران باسيل ولم يعد وبين خروجه وعودته تم التغيير في صياغة القرار وألغوا العودة الى مجلس الوزراء. وبالتالي، فإن المتعهد وأبي خليل وحتى الوزيرة ندى البستاني كلهم كانوا تحت المساءلة حول مسار التفاوض. لذا، يبقى ملف دير عمار غامضاً”.

أما بالنسبة الى معمل الزهراني، فأكد أنه “لا توجد أي إشكاليّة حوله ولكن لا إمكانيّة لمعامل أخرى جديدة”، مشيراً الى أن “وزير الطاقة الحالي وليد فياض كان قد استخدم كلمة (معامل) وكأن لديه أملاً في معمل سلعاتا الذي يطمح فريقه السياسي اليه”.

أضاف: “وزراء الطاقة السابقون طرحوا فكرة تلزيم المعملين من خلال دعوة شركات عالميّة كبرى الى التفاوض مع الحكومة، وهذه الفكرة كان قد طرحها الوزير ريمون غجر في حكومة حسان دياب وقال إنهم سيدعون الشركات الكبرى (مثل General Electric) الى تقديم العروض برعاية دولها، وبالتالي استخدموا العبارة الأخيرة ليوهموا الناس بأنها إتفاقيّة دولية وتصبح صلاحية التفاوض فيها مع رئيس الجمهوريّة فقط”.

أبي حيدر: بناء معامل جديدة لن يحل المشكلة

من جهتها، رأت الخبيرة في شؤون الطاقة كريستينا أبي حيدر أن “بناء المعامل اليوم لن يحل مشكلة الكهرباء في لبنان”، لافتة إلى أن “مشكلتنا تكمن في نقص المواد الأولية سواء كانت فيول أو غاز. وباعتقادي أن طريقة تعاطي مجلس الوزراء مع ملف الكهرباء تدل على أنه لا يمكنه البحث في أشياء تقنيّة بل عمله مقتصر على المواضيع السياسية والمحاصصة فقط”. وتساءلت “كيف يفكر في زيادة الإنتاج وهو يعلم أن وضع البلد المالي والنقدي متدهور جداً؟”.

وأشارت إلى أن “البلد يعمل على ٤٠٠ ميغاواط من الطاقة ومصدرها من الفيول العراقي”، معتبرة أن “الأزمة الحقيقية هي فقدان الوقود وليس المعامل. كما أنه من المضحك المبكي أن الشركات التي تريد بناء المعامل لن تستثمر في ظل انهيار الوضع المالي والنقدي وعدم توحيد سعر صرف الليرة مقابل الدولار، لذا كيف يتكلمون عن الشراكة مع القطاع الخاص ولا نعلم كيف السبيل الى التمويل؟”.

وقالت: “بناء المعامل من دون إدارة المناقصات هو أمر خطير جداً، فمن الذي سوف يقوم بالمناقصة وهل سيضع دفتر الشروط مجلس الوزراء؟”. وشددت على عدم وجود أي ثقة بالمجلس.

أضافت: “اليوم نريد الوقود قبل المعامل، وتأمين السيولة للصيانة والتشغيل. بعد ذلك ننطلق الى زيادة ساعات التغذية وليس الاستثمار بالباطون والتشييد . كما لدينا إعادة صيانة الشبكة والنقل والتوزيع”.

وأكّدت “أهميّة القيام بالإصلاحات لجذب القطاع الخاص وفق آلية شفافة كتحقيق الهيئة الناظمة للكهرباء لتشرف على القطاع بشكل علمي وتقني”، معتبرة أن “الحل هو الاستثمار بالطاقة المتجددة الأقل تكلفة من الفيول والغاز اقتصاديّاً وبيئيّاً”.

شارك المقال