الانتخابات طويت… والأزمة الاقتصادية باقية على حماوتها

المحرر الاقتصادي

أما وقد همدت عجقة الانتخابات النيابية، فإن صفحة جديدة فتحت، بحيث سيكون أمام المجلس النيابي الجديد تحديات كثيرة بدءاً من انتخاب رئيس له وهيئة مكتب وتحديد أعضاء اللجان المختلفة التي ستتولى في الفترة المقبلة درس المشاريع، لاسيما الاصلاحية منها، والتي ستسمح للبنان بالحصول على دعم خارجي.

وفي نظرة سريعة الى خلفيات الفائزين في هذه الانتخابات التي أفرزت تركيبة جديدة، يمكن التكهن بأن المجلس الذي سيتسلم مهماته الدستورية بعد أيام، سيشهد تخبطاً حول العديد من المواضيع الإصلاحية، في ظل الانقسام العمودي الحاد بين محورين، الأول ممانع له أجندته الخاصة المرتكزة على نسف علاقات لبنان بالخارج تماماً، والثاني تغييري يريد إعادة لبنان الى كنفه العربي واستعادة علاقاته الدولية.

وعلى هذا الأساس، فان معالجة الملفات والمشاريع الاقتصادية التي تضيق بها أدراج المجلس النيابي ستكون محط رصد من المؤسسات الدولية التي تنتظر إصلاحات من لبنان فشل المجلس السابق في تمريرها لتبني على الشيء مقتضاه، ومن ضمنها إقرار موازنة العام 2022، ومشروع قانون “الكابيتال كونترول” وتعديل أحكام قانون السرية المصرفية.

وتوازياً، فان تشكيل حكومة بعد تسمية شخصية لتولي مهام رئاستها دونه مطبات، في ظل الشروط المسبقة التي رفعها “حزب الله” في أن تكون حكومة وحدة وطنية وضرورة قبول الفريق الآخر بها “لئلا يقود لبنان إلى الهاوية”، وإشارته إلى الحرب الأهلية، ودفن رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل إمكان قيام حكومة تكنوقراط حين قال: “خبرية التكنوقراط في الحكومة باي باي”.

كل ذلك يطرح علامات استفهام كبيرة حول مصير خطة التعافي الاقتصادي والمالي التي وضعتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وتعرضت لسهام وانتقادات من كل حدب وصوب لأنها استثنت الدولة من تحمل مسؤولياتها في الخسائر المالية ووضعت العبء الأكبر على المصارف والمودعين. فهل سيصار الى إدخال تعديلات عليها؟ وماذا عن مسألة اعادة هيكلة المصارف التي رفضتها مسبقاً؟

وسط هذه الأجواء، شهد سعر صرف الدولار ارتفاعاً سريعاً عقب اعلان نتائج الانتخابات، على الرغم من أنه كان متوقعاً ولكن ليس بهذه السرعة. في حين استمر ارتفاع سعر صفيحة البنزين ليتخطى الـ550 ألف ليرة (ارتفعت بحوالي 35 ألف ليرة) في ظل ترقب أزمة الطوابير وعودتها من جديد بسبب المشكلة بين المصارف ومصرف لبنان بشأن تحويل الأموال على سعر منصة “صيرفة”. فيما البلاد مهددة بالعتمة بسبب نفاد مادة المازوت، كما أن الأفران لم تعد تمتلك كمية كبيرة من الطحين، وهي لا تكفي الا لأيام بحسب حجم الفرن وكمية استهلاكه. وقال نقيب الأفران في جبل لبنان أنطوان سيف: “لقد وقعنا في الأزمة و6 مطاحن متوقفة عن العمل بسبب عدم دفع ثمن القمح في الاهراءات”.

وفي الوقت الذي أكد فيه مصرف لبنان الاستمرار بالتعميم 161 كالمعتاد من دون تعديل بعد ورود أخبار عن قرب توقف العمل به، أظهرت ميزانية مصرف لبنان نصف الشهرية أن موجوداته بالعملات الأجنبية وصلت الى 16.08 مليار دولار في 15 أيار الجاري. ومع حسم محفظته من سندات اليوروبوندز (التي يحددها مصرف لبنان بـ5.03 مليارات دولار)، فان الموجودات ستبلغ 11.05 مليار دولار. وقد تراجعت هذه الموجودات في 15 يوماً بما قيمته 191 مليون دولار وسط استمراره في التدخل في منصة “صيرفة”.

كما أنه وفقاً لآخر تقرير لمصرف لبنان، سجل ميزان المدفوعات عجزاً قدره 1.47 مليار دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2022، مقارنةً بعجز قدره 847 مليون دولار عن الفترة نفسها من العام الماضي. وبناءً عليه، انخفض صافي الأصول الأجنبية لمصرف لبنان بمقدار مليار و516.7 مليون دولار، بحيث واصل المصرف تدخله في سوق العملات الأجنبية من خلال “صيرفة”، بينما ارتفعت الأصول الأجنبية للمصارف التجارية بمقدار 43.3 مليون دولار في آذار 2022.

الانخفاض الحاد في عجز ميزان المدفوعات مدفوع بعوامل عدة، مثل العجز التجاري، وارتفاع معدل التضخم وعدم الاستقرار السياسي. فقد تسارع العجز التجاري عندما أطلقت الحكومة في أوائل العام 2020 برنامج دعم شامل على الواردات، مما أدى بطبيعة الحال إلى نزيف الاحتياطات الأجنبية. كذلك، شهد لبنان معدل تضخم مرتفعاً بلغ 208.13 في المئة بحلول آذار، بسبب الانخفاض الحاد في قيمة العملة.

شارك المقال