موسم الصيف للمغتربين!

هدى علاء الدين

دخل لبنان رسمياً موسم السياحة والاصطياف معوّلاً بصورة كبيرة على الوافدين إليه لا سيما منهم المغتربون الذين يشكلون النسبة الأكبر من السائحين هذا العام. تحضيرات لبنان لاستقبال حاملي العملة الخضراء اكتملت علّ الصيف يُعوّض خسائر القطاع السياحي الذي انهارت مدامكه منذ اندلاع ثورة الـ “6 دولار”، مع توقعات بدخول لبنان ما يقارب المليون ونصف المليون سائح وفي جعبتهم ما بين 3 و4 مليارات دولار.

القطاع السياحي الذي يُعتبر الركيزة الأساسية لاقتصاد لبنان لا سيما وأنه يشكل الجزء الأكبر لايرادات خزينة الدولة بمليارات الدولارات، يعاني اليوم من أزمة خانقة تهدد مصيره، بعد أن تراجعت أعداد المؤسسات السياحية من حوالي 8500 مؤسسة في العام 2019 إلى حوالي 3000 مؤسسة، في حين تضرر أكثر من 2000 مطعم جراء انفجار مرفأ بيروت، إلى جانب تضرر عدد لا يستهان به من الفنادق الفخمة التي لا تزال أبوابها مغلقة حتى اليوم.

كل ما يحتاجه الوافد إلى لبنان أصبح جاهزاً من فنادق ومطاعم وبيوت ضيافة ومنتجعات وملاه ليلية وأماكن سهر وغيرها الكثير، في محاولة تُعد بارقة الأمل الأخيرة لانتشال القطاع السياحي من الحفرة التي وقع فيها على الرغم من التحديات الكثيرة التي تواجه مختلف القطاعات السياحة وأبرزها معضلة الكهرباء والماء التي سيزيد تأمينها بعيداً عن الدولة من الكلفة التشغيلية للفنادق والمطاعم، إلا أن ذلك لن يكون عائقاً أمام صيف واعدٍ بالزوار والسياح والدولار.

وفي هذا الإطار، تقول مصادر “لبنان الكبير” إن أموال المغتربين هي آخر ما تبقى للدولة اللبنانية من مصادر للحصول على الدولار فريش، مشيرة إلى أن هذه الأموال ستكون بمثابة إبرة مورفين للاقتصاد اللبناني الذي تضغط عليه سلباً عودة الأزمات السياسية الناتجة عن تشكيل الحكومة.

وبحسب المصادر، فإن المغتربين القادمين إلى لبنان اليوم ليسوا سياحاً بالمعنى الحقيقي للكلمة إنما لبنانيون يشعرون بهول ما أصاب عائلاتهم وأرادوا الوقوف إلى جانب ذويهم وتمضية عطلة الصيف معهم بعدما أصبح سفر اللبنانيين المقيمين إلى الخارج أمراً في غاية الصعوبة بسبب التكلفة العالية وعدم القدرة على الحصول على جواز سفر. من هنا، سيكون لمّ شمل المغتربين مع عائلاتهم فرصة لهذه العائلات من أجل القيام بسياحة داخلية والتقاط الأنفاس خصوصاً وأن دولرة القطاع السياحي ستمنع العديد من المقيمين من الافادة من الموسم السياحي بسبب انخفاض القدرة الشرائية لحاملي الليرة، وعليه سيكون هذا الموسم بعيد المنال عن معظم أهل الداخل إن لم يكن حصراً للمغتربين وجيوبهم.

في المقابل، تؤكّد المصادر أهمية القطاع السياحي، مشدّدة على أنه كان وسيبقى ركيزة أساسية من ركائز النهوض الاقتصادي، ويعوّل عليه دائماً في زمن الأزمات من أجل إعادة تحفيز النمو وإدخال العملة الأجنبية، خصوصاً وأن لبنان يمتلك ميزة تنافسية به إلى جانب وجود طاقات هائلة تُخوّله الصمود والانطلاق من جديد متى دعت الحاجة، لكنه بحاجة أولاً وأخيراً إلى عاملي الأمن والاستقرار لتعويض ما خسره في أزمته.

إذاً، سيعود المغترب إلى وطنه صيف هذا العام وسيحل ضيفاً عزيزاً مرحباً به، كيف لا وهو المصدر الوحيد للدولار في بلد صرفت منه المليارات عشوائياً، لكن التحدي الأكبر سيكون بعد انتهاء الموسم السياحي وعودة الشح في الحصول على الدولار، خصوصاً وأن الاستحقاقات التي تنتظر لبنان ستكون مصيرية سواء كانت اقتصادية لناحية سعر صرف الدولار والاتفاق مع صندوق النقد الدولي، أم سياسية لمعرفة المسار الذي سينتج عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

شارك المقال