ما تأثير ورقة المليون ليرة على الاقتصاد؟

محمد شمس الدين

يتذمر اللبنانيون اليوم من اضطرارهم الى حمل كميات كبيرة من الأوراق النقدية، فالأسعار مرتفعة جداً، وقد درجت العادة أخيراً على أن يحمل الشباب معهم محفظات كبيرة عندما يخرجون للتسوق أو الاستجمام، أو يضعون رزمة من ورقة الـ 100 ألف ليرة، في محفظة أي سيدة ترافقهم في مشاوريهم، لأن الجيبة لا تتسع لها، وتشكل ثقلاً على حاملها. وفي هذا الاطار، تتردد معلومات عن نية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، إصدار ورقة نقدية من فئة المليون ليرة، ربما تخفف من حمل أعداد كبيرة من العملة ولكن بالتأكيد لديها انعكاسات على الاقتصاد اللبناني، فما هي هذه الانعكاسات؟ وهل هي سلبية أم إيجابية؟

الخبير في المخاطر المصرفية محمد فحيلي أشار في حديث لموقع “لبنان الكبير” الى أن “الايجابية الوحيدة لطبع ورقة نقدية من فئة المليون ليرة، هي أنها تخفف من حمل أوراق نقدية كثيرة، ولكن سلبياتها تطغى على ذلك، فهي ستسبب ضغوطاً نحو ارتفاع الأسعار، بحيث أن السلع سترتفع أسعارها نحو الورقة النقدية الأعلى، يعني مثلاً سلعة بـ 850 ألف ليرة، سيتم تدويرها إلى المليون ليرة، وبالتالي لاشعورياً سيكون هناك عامل نفسي يؤدي إلى اعتبار ورقة الـ 100 ألف دون المستوى، وهي بغض النظر عن قيمتها الشرائية اليوم، إلا أنها على مستوى النقد أعلى ورقة نقدية لبنانية في التداول”.

أضاف فحيلي: “كل الاقتصادات التي اتجهت نحو إصدار فئة جديدة من عملتها، قيمتها عالية، كان تأثيرها سلبياً، بحيث أنه يحصل نوع من خفض قيمة الأوراق النقدية دونها تلقائياً، فاليوم من راتبه مليونا ليرة، يحصل على 20 ورقة، أما في حال طبع فئة المليون ليرة، فسيحصل على ورقتين، وهنا لاشعورياً تنخفض قيمة الـ 100 ألف ليرة”.

ولفت الى أن “طبع ورقة نقدية من فئة المليون ليرة، لا تخدم الاقتصاد، بل ليس هناك أي أهداف اقتصادية لها، لذلك يُستبعد أن يقدم حاكم مصرف لبنان على هكذا خطوة”، معتبراً أن الحل الأفضل لخفض حمل الأرواق النقدية، هو “أن تؤمن الظروف الملائمة لاستعمال بطاقات الدفع، وذلك يكون عبر تثبيت فاتورة الاستهلاك، وتثبيت فاتورة المصاريف التشغيلية للمؤسسات، فكلفة هاتين الخطوتين وعبئها، أسهل بكثير من كلفة طبع ورقة المليون ليرة”.

حسب العارفين، من غير الممكن أن يتخذ حاكم مصرف لبنان قراراً بإصدار فئة جديدة من الأوراق النقدية، من دون موافقة الحكومة، ولكن هذا الأمر لا يطمئن، اذ لطالما اعتمد حكام هذا البلد سياسة الترقيع وليس الحلول الفعلية، ولذلك يتخوف اللبنانيون من أن تصبح ورقة المليون ليرة واقعاً. وبينما تعتبر أزمة الأوراق النقدية مشكلة حقيقية، إلا أنه يمكن لبعض الحلول أن تفي بالمطلوب كإعادة دور بطاقات الدفع أو الائتمان في المعاملات الاقتصادية، وهي قد لا تكون حلاً نهائياً، فالحل الأفضل هو خطة اقتصادية تشمل كل قطاعات الاقتصاد، ولكن بسبب عدم وجود أفق لهذه الخطة، يمكن الاتجاه الى إجراءات صغيرة يمكنها أن تساهم في حل بعض المشكلات، لكن المصيبة هي أن لا أحد يعمل فعلياً من أجل الحلول، والأمر هو تناتش ما تبقى من أطلال بلد.

شارك المقال