المزايدات السياسية طيّرت الدولار الجمركي!

فدى مكداشي
فدى مكداشي

يبدو أن الخلافات السياسيّة بين الأفرقاء طيّرت الدولار الجمركي بحسب ما كان متفقاً عليه على أساس ٢٠ ألف ليرة، إذ فجأة أصبح همّ الطبقة السياسية المواطن وكيف سينعكس هذا المشروع على الأسعار وتحديداً السلع الغذائية. فأين كان هؤلاء خلال سياسات الدعم العشوائيّة للأدوية والطحين والمحروقات؟ وإذا كان المشروع جزءاً من خطّة التعافي الاقتصادية فالى أي مدى سيكون فاعلاً في ظل الاحتكارات التجاريّة وغياب الرقابة والتهريب المستمر الذي يزيد من التشوّهات الاقتصادية ويصيب المستهلكين ويهددهم في أبسط حقوقهم؟ وهل نسف القرار هو تهرّب من المسؤولية أم يزيد حقاً الأعباء على الخزينة والمواطن؟

في السّياق، يرى الخبير المالي والاقتصادي وليد بو سليمان أن نسف القرار سببه “التهرب من المسؤولية”، موضحاً أنه “عندما يكون هناك انكماش اقتصادي المطلوب هو تحفيز الاقتصاد وليس إضافة أعباء عليه من خلال إضافة الرّسوم والضرائب، لأن هذه الضرائب ليست انتقائية بل شموليّة خصوصاً أن لبنان ليس لديه أي اكتفاء ذاتي. وبالتالي، عمليّاً معظم السلع حتى لو كانت من الكماليّات باتت أساسيّة إذ لا يوجد إنتاج صناعي وطني في الوقت الحاضر لنصل الى الاكتفاء الذاتي، وهذا يزيد التضخّم ويرفع الأسعار ويأسر الاقتصاد مما سيمنع أي نمو اقتصادي وتلقائياً لن تكون هناك إيرادات مثلما يدّعون في الحكومة عن زيادتها”.

وعن الحل البديل، يشير بو سليمان الى أن ذلك “يبدأ بمكافحة التهرب الضريبي، تخفيف النفقات من خلال موازنة تقشفيّة، وأن نكون خففنا الضغط وأن ندعم بطريقة ما القطاعات الانتاجيّة التي يمكن أن تدخل أموالاً وعملة صعبة من الخارج، الأمر الذي يؤدي الى نمو اقتصادي للوصول إلى البحبوحة في الإيرادات. أما في حال أردنا إقرار الدولار الجمركي يجب أن يكون على سلع فاخرة معيّنة يتخطى سعرها سقفاً معيّناً، فمثلاً إذا تحدثنا عن السيارات أن تكون فوق الـ٨٠ ألف دولار ليكون عليها الرسم الجمركي أو الثياب الغالية الثمن فتتحملها الطبقات الميسورة وليست الفئات الفقيرة”.

وعن نظرة النّواب الى القانون والآلية الصحيحة التي يجب أن تتبع لإقراره، يؤكد النائب بلال عبد الله أن “الدولار الجمركي هو جزء من خطّة التعافي الاقتصادي ولكن عليه أن يكون منسجماً مع رزمة الضرائب والرسوم والعطاءات الاجتماعيّة والتربوية والصحية، وللأسف كل ذلك لم يحصل ولكن هذا ليس مبرراً أن نؤمن التوازن بين إيراداتنا ومصاريفنا وأن يبقى التجار حاكمين البلد تحت حجة غلاء الأسعار ولكن من يراقبها؟”.

المطلوب في حال أقرّ الدولار الجمركي تشجيع الانتاج الوطني، فالأزمات عادة تولّد المبادرات، بحسب عبد الله، الذي يشدد على أن “مبدأ الدولار الجمركي ملزم للمشرّع وللحكومة لقيام التوازن بين إيراداتنا ومصاريفنا. أما التهرب من هذا القرار فهو تهرّب من المسؤوليّة وإمعان في إغراق البلد بالإفلاس الشامل”.

وعن الجهة المعرقلة، يقول عبد الله: “بعبدا هي الجهة المسؤولة وهذه ليست المرّة الأولى”.

اما عضو لجنة المال والموازنة النيابيّة النائب هادي أبو الحسن فيرى أن “لا مفرّ من الدولار الجمركي شرط أن يكون تدريجياً وموازياً للتقديمات الاجتماعيّة”، لافتاً إلى أن هناك “اقتراحات قوانين أخرى قُدّمت في المجلس النيابي لزيادة واردات الخزينة من المطار على سبيل المثال وغير المطار، كما نطالب باستيفاء الرسوم المناسبة للأملاك البحريّة”.

ويؤكد أن “لا وجود لموازنة من دون دولار جمركي وتوحيد سعر الصرف وكل كلام خارج هذا الإطار هو هرطقة. أما في ما يتعلّق بموضوع التهريب، فلا توجد أي خطّة إصلاحيّة فعالة من دون معالجة هذا الملف أولاً”.

شارك المقال