لبنان والدولرة

لينا دوغان
لينا دوغان

في تعريف بسيط للدولرة هي توقف استخدام الدولة العملة الوطنية لفقدانها وظائفها الأساسية واللجوء الى استخدام عملة أجنبية كالدولار قابلة للتحويل. ومن أهم أسباب لجوء الدول الى الدولرة عدم استقرار الاقتصاد والتضخم وانهيار القوة الشرائية للعملة، وهي ثلاثة أنواع:

– الدولرة الرسمية أو الكاملة وتعني استبدال العملة المحلية بالأجنبية.

– الدولرة شبه الرسمية وهي استخدام العملة الأجنبية الى جانب العملة المحلية.

– الدولرة غير الرسمية وهي التعامل بالعملة الأجنبية في القطاع الخاص والإبقاء على العملة المحلية كعملة رسمية قانونية وحيدة.

لبنان الذي دخل شيئاً فشيئاً في الدولرة من الواضح أنه يستخدم كل الأنواع ليس لأن اقتصاده منهار وحسب، بل للأسف لأن “لا حسيب ولا رقيب” وكلٌ يحاسبنا هنا بالدولار وهناك على سعر الصرف وهنالك بين “صيرفة” واللولار، وأحلى ما في الأمر أن اللبناني الذي يدفع بالدولار يقبض بالليرة وهنا تكمن القصة أو قصص حياته مع الدولرة التي دخل فيها من دون أن يدري أو حتى “يكون عامل حسابه”.

دخول الدولرة في كل تفاصيل حياة المواطن اللبناني ليس وليد اليوم ولا هو ناتج عن قرار رفع الدعم التام عن المحروقات أي البنزين والمازوت والغاز، بل بدأ عندما ذهب اللبناني الى السوبرماركت لشراء المواد الغذائية والسلع وعندما قصد المحال التجارية لبيع الألبسة وغيرها وأيضاً عندما زار المطاعم للاستجمام، في كل هذه الأماكن كان كل شيء “يقرّش” على سعر صرف الدولار، ومن هنا بدأت حكاية المواطن اللبناني مع الدولار العملة المطلوبة أيضاً لشراء المازوت في شراء الكهرباء أبسط حقوق أي مواطن في أي بلد، كل هذا قبل الحديث عن رفع الدعم عن المحروقات أي المازوت والغاز والبنزين والتي دخلت كلياً في الدولرة أي الدفع بالدولار حسب سعر الصرف في السوق السوداء.

كل هذا يحدث ويجري مع المواطن الذي يتقلب من حال الى حال والمسؤولون في واد آخر يتقلبون من حال مصلحتهم هنا وحال مصلحتهم هناك، ولم يحركوا ساكناً باتجاه اتخاذ أي خطوة تنعكس ايجاباً على الوضع الاقتصادي أو تخفف من معاناة المواطن حتى عن طريق البطاقة التمويلية التي أُقرت ولم يُقر تمويلها، طبعاً لأن الخلافات عليها وعلى أي أمر يهم المواطن أهم من المواطن نفسه عندهم.

حتى عندما يتم الحديث عن ضرورة الإسراع في تأليف حكومة لتخفيف الأعباء الاقتصادية والاجتماعية عن كاهل المواطن تتصدر مواقفهم وتصريحاتهم وخلافاتهم المشهد السياسي ويضيع الحق ويضيع المُطالب.

بالعودة الى الدولرة والتي بدأ مفعولها يكبر مع رفع الدعم عن المحروقات، يكثر الحديث من اخصائيين اقتصاديين عن ارتفاع في سعر الدولار خاصةً مع اقتراب موعد انتخاب رئيس للجمهورية وعدم الانفراج في هذا الموضوع بوجود حكومة انتقالية يرفضها جبران باسيل الذي يقول ببقاء عون في بعبدا أو بحكومة في وجه حكومة.

ويبقى أن المواطن اللبناني الذي أصبح يعتمد على تطبيق “صيرفة” ليستطيع العيش بأقل قدر من الكرامة بعد أن أوصلوه الى الدولرة وجهنم، يريدون أن يأخذوه إلى ما بعد بعد جهنم.

شارك المقال