وداع إعتباطي لـ1500 ليرة… ماذا عن تعاميم مصرف لبنان؟

المحرر الاقتصادي

عبّرت مصادر مالية رفيعة المستوى عن استغرابها للطريقة التي أعلنت فيها وزارة المالية وقف العمل بسعر صرف 1507 ليرات للدولار الأميركي الواحد المعتمد من مصرف لبنان، قائلة إن هكذا قرار لا يمكن تطبيقه خارج إطار برنامج مع صندوق النقد الدولي وإلا سيكون له أثر تضخمي كبير وسينعكس مزيداً من التدهور في سعر صرف العملة المحلية التي خسرت أصلاً أكثر من 95 في المئة من قيمتها.

وكانت وزارة المالية أصدرت بياناً أعلنت فيه تخلي لبنان عن سعر صرف 1500 ليرة، بعيد ساعة على كشف وزير المالية يوسف الخليل لوكالة “رويترز” أنه سيصار الى اعتماد هذا الاجراء الجديد.

وتساءلت المصادر المالية عبر “لبنان الكبير” عن الآلية الاقتصادية التي تم التوافق عليها من أجل تحديد سعر الـ15 ألف ليرة، وليس سعر الصرف المعتمد عبر منصة “صيرفة” مثلاً (والذي يطالب به صندوق النقد الدولي). ووصفت القرار بـ”الاعتباطي، وغير المدروس” بعد سنوات من المطالبات بتحرير سعر الصرف.

وشرحت المصادر أن هذا القرار سيؤثر سلباً على المصارف وعلى وضعيتها، إذ أنها لا تزال تحتسب ميزانياتها على أساس سعر صرف 1500 ليرة. بمعنى أن معاملاتها مع المصرف المركزي تتم على السعر الرسمي، وهذا يشمل احتساب رساميلها، وشراءها الدولارات وسداد القروض المتوجبة عليها وتكوين المؤونات المتوجبة عليها لقاء قروض مشكوك في تحصيلها.

وأضافت المصادر في هذه النقطة أن رساميل المصارف تقدر اليوم بـ14 مليار دولار، منها 3.9 مليارات دولار بالدولار (محفظة سندات اليوروبوندز)، فيما المبلغ المتبقي مقوّم بالليرة على السعر الرسمي (أي حوالي 15 تريليون ليرة)، في حين أن احتساب هذا المبلغ على السعر المعلن اليوم سيُخفّض مجموع الرساميل إلى حوالي مليار دولار.

وعما اذا كانت التعاميم السابقة الصادرة عن مصرف لبنان ستبقى سارية بعد بدء تطبيق التدبير الجديد، لاسيما التعميم 161 الذي يسمح للمودعين بسحب ودائعهم الدولارية على أساس 8 آلاف ليرة، والتعميم 158 الذي يسمح بسحب 400 دولار نقداً و400 دولار أخرى على أساس 12 ألف ليرة، قالت المصادر انه يفترض أن يلغى مفعول هذه التدابير بمجرد تحديد سعر صرف جديد، إلا اذا أصدر مصرف لبنان تعميماً آخر يمنع ذلك. بمعنى آخر، بات المودع يستطيع سحب وديعته على أساس سعر صرف 15 ألف ليرة.

وكان استمرار اعتماد سعر صرف الـ1500 ليرة أفاد خصوصاً أصحاب القروض بالدولار، والتي سبق لمصرف لبنان أن سمح بموجب قرار أصدره بأن يُسدّد القرض بالليرة اللبنانية. لكن المقترضين بالدولار انخفض عددهم كثيراً ما أدى الى خفض محفظة المصارف للتسليف بالدولار الى حوالي 12.4 مليار دولار من 28.7 مليار دولار هي عبارة عن قروض دولارية في بدياة الأزمة.

وكانت وزارة المالية أصدرت مساء بياناً أعلنت فيه أنه “بعدما أقرّ مجلس النواب الموازنة العامة للعام 2022، حيث اعتُمد سعر صرف 15 ألف ليرة مقابل كل دولار أميركي، وبعدما بات من الملحّ تصحيح تداعيات التدهور الحاد في سعر الصرف وتعدّديته على المالية العامة، وذلك تقليصاً للعجز وتأميناً للاستقرار المالي، وبما أن السير بخطّة التعافي المالي والنقدي والنهوض بالاقتصاد يتطلب توحيد سعر الصرف، لذا، أصبح وقف العمل بسعر صرف الدولار الأميركي على أساس 1507 ليرات إجراءً تصحيحياً لا بدّ منه”.

أضاف البيان: “وعليه، وكخطوة أولى بإتجاه توحيد سعر الصرف تدريجياً، تمّ الإتّفاق بين وزارة المالية والمصرف المركزي على إعتماد سعر 15 ألف ليرة مقابل كل دولار أميركي، عملاً بأحكام المادتين 75 و83 من قانون النقد والتسليف، كما وسائر النصوص التنظيمية والتطبيقية الصادرة عن مصرف لبنان، على أن تعمل السلطات المالية والنقدية على إحتواء أي تداعيات على الأوضاع الاجتماعية للمواطن اللبناني (على سبيل المثال القروض السكنية) وكذلك على مساعدة القطاع الخاص على الانتقال المنظّم الى سعر الصرف الجديد المعتمد”.

ويطبق هذا الاجراء إعتباراً من أول تشرين الثاني 2022، بحسب البيان الرسمي.

وكان وزير المالية أبلغ “رويترز” أن لبنان يعتزم خفض سعر الصرف الرسمي لليرة اعتباراً من نهاية تشرين الأول، من 1507 ليرات مقابل الدولار، إلى 15 ألف ليرة، معتبراً أن إلغاء سعر الصرف 1507 “هو بداية جيدة”.

وأشار الى أن “هذا هو الموقف الذي اتخذته الدولة اليوم (امس)، والحكومة ستشرح الخطوة للجمهور خلال الشهر المقبل، وبعد ذلك سيتم إلغاء سعر الـ1507”.

كما أكد مصدر من مصرف لبنان المضي بالاجراء.

وليلاً زادت وزارة المالية الالتباسات بإصدار بيان قالت فيه: “إن ما يتم تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الوسائل الاعلامية والمواقع الالكترونية بشأن تغيير في سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي سوف يتم على خطوتين الأولى على صعيد الدولار الجمركي والثانية على صعيد سعر الصرف الرسمي المراد إعتماده بالتنسيق مع المصرف المركزي والذي يعتبر خطوة أساسية بإتجاه توحيد سعر الصرف. وهذا مشروط بإقرار خطة التعافي التي يعمل عليها والتي من شأنها أن تواكب تلك الخطوة”.

شارك المقال