الموسم الزراعي… أزمات كثيرة ورزق قليل

نور فياض
نور فياض

يعتبر القطاع الزراعي ثالث أهم القطاعات في لبنان، وأحد المصادر الرئيسة لكسب الرزق، ولكنه لم يسلم من الأزمة الاقتصادية التي ضربت لبنان اضافة الى الأزمة مع دول الخليج لناحية التصدير، ولا من الكوارث الطبيعية وخصوصاً السيول والفيضانات التي يسببها فصل الشتاء. لذا، ينتظر هذا القطاع حلولاً علّها تنفّذ قبل فوات الأوان.

ويؤكّد رئيس نقابة تجمع مزارعي الجنوب محمد الحسيني لـ”لبنان الكبير” أن “الأزمة مع الخليج لا تزال قائمة منذ سنتين ما أثّر على الحمضيات، التي يربطها تاريخ كبير في التصدير مع دول الخليج، وبالتالي اليوم تعاني مشكلة بسبب ذلك وحتى سعرها زهيد جداً. اما في ما يتعلّق بالموز، فيصدّر كل سنة الى الأردن والعراق وسوريا وتركيا وهو في حالة طبيعية، وكذلك الأفوكا الذي يصدّر الى الأردن ومصر.”

ويشير الحسيني الى أن “الأزمات الكبيرة تكمن لدى الذين يزرعون الخضراوات بحيث أصبحت كلفتها عالية جداً، وأرباحها قليلة وبات المزارع يقلّص من المساحة الزراعية بسبب غلاء متطلبات الخضار من أسمدة ومياه وغيرها. على عكس أصحاب البساتين الذين بقيت مساحاتهم الزراعية على حالها، فمن يملك بستاناً يجب أن يحافظ عليه. اذاً، الزراعة اليوم في لبنان أرباحها أقل من قبل، وكل زراعة تختلف حسب السوق الذي نصرّف اليه المنتجات.”

ويوضح أن “المزارع يعاني أيضاً من مشكلات عدة، فالكثيرون يقننون في استعمال المازوت لأنه عالي الكلفة ما أثّر على الرزق الذي أصبح قليلاً وحجمه ونوعيته غير مقبولين، ولكن لا أحد قادر على تأمين مستلزماته. وطالبنا بتركيب طاقة شمسية على أن ندفع تكلفتها الا أننا لم نجد أي تجاوب.”

ويقول الحسيني: “نواجه كل عام كوارث طبيعية تؤثر سلباً على القطاع الزراعي ولا نستطيع وضع الخطط لأنها تفوق طاقتنا، ولكن عند حدوث هذه الكوارث تأتي الهيئة العليا للاغاثة و(بفلوا وجهن وجه الضيف)، ولا يمكننا لوم الدولة لأنها أصلاً تعاني من مشكلات اقتصادية جمة.”

اما الخبير الزراعي وصاحب شركة “اغرو” الزراعية محمد سيف الدين فيؤكد لـ “لبنان الكبير” أن “المزارع بات غير قادر على تحمل العبء الاقتصادي الذي يؤثر سلباً على منتجاته”، لافتاً الى أن “القطاع الزراعي يعاني مشكلات عدة وعلى رأسها الشح في المازوت، الذي قلّص المساحة الزراعية بنسبة ٥٠%. اما الدولار فيفوق سعره قيمة كلفة المنتج، فمثلاً كيلو أحد المنتجات اليوم ٢٠ ألفاً، بعد شهر ترتفع قيمة الدولار ١٠ آلاف، فيخسر المنتج رأسماله. ومثال آخر، يُزرع اليوم في الأراضي القمح والشعير، في بداية السنة كان من المفترض أن يكون سعرهما عالياً، ولكن فجأة هبط السعر، بحيث كان يجب أن يباع بقيمة ٤٣٠ دولاراً، الا أنه انخفض الى ٣٨٠ دولاراً”.

ويضيف سيف الدين: “من المشكلات التي يعانيها المزارع اليد العاملة التي أصبح سعرها مرتفعاً بصورة غير طبيعية. اما في ما يتعلق بالانتاج فهو لا يغطي الكلفة المطلوبة، والتصدير الى الخارج يشكل فقط ٢٠% (بطاطا وبصل) وهذه المشكلات ستشكل خطراً كبيراً في المستقبل القريب ومصير المزارع غير معروف.”

ويتوقع أن تكون “نسبة الأراضي غير المزروعة في السنة المقبلة حوالي ٧٠% تقريباً، والسلعة ستفقد جودتها نظراً الى كل المشكلات التي ذكرت، اضافة الى الأسمدة التي كان سعر الطن الواحد ٥٠٠ دولار سابقاً، اما اليوم فسعره ١٤٠٠دولار، والأدوية تضاعف سعرها مرتين ونصف المرة، وبالتالي لا يستطيع المزارع شراءها ولا حتى شراء مخصبات التربة التي تعطي جودة للمنتج. وحتى الطقس يشكل خطراً على المزروعات”، مشدداً على وجوب “أن تجد الدولة حلاً، وأن تقف الى جانب المزارع والا فالزراعة في السنوات المقبلة ستصبح غير موجودة”.

وكأن لبنان لا تكفيه أزماته المتراكمة من سياسية واجتماعية واقتصادية ومالية حتى تضاف الى سجل هذه الأزمات معاناة القطاع الزراعي الذي يعتبر القطاع الداعم للاقتصاد اللبناني، ويعاني مزارعوه من فقدان المازوت شريانه الرئيس اضافة الى المشكلة مع دول الخليج التي لم تحل حتى اليوم. القطاع الزراعي ليس قطاعاً لانتاج السلع وحسب، بل يساهم في تعزيز الاستهلاك والصناعة والتجارة وإدخال العملات الأجنبية الى لبنان، فهو ينمو عند وجود خطط تنموية تساهم في تعزيزه وتطويره، فكيف سيصمد في ظل المصائب التي ترافقه؟

شارك المقال