لبنان في مواجهة التضخم الثلاثي الأرقام

هدى علاء الدين

يزداد خطر التضخم الذي يضرب لبنان منذ العام 2020، بالتزامن مع ارتفاع مؤشر أسعار الاستهلاك الذي يعكس بصورة مباشرة ارتفاع معدلاته بشكل غير مسبوق، مسهماً في انخفاض النمو الاقتصادي والناتج المحلي الاجمالي. هذا ما أكّدت عليه وكالة Fitch Solutions التي أصدرت مؤخراً تقريراً جديداً حمل عنوان “توقعات المستهلك في لبنان لعام 2023: ارتفاع التضخم والمناخ السياسي الهش يعوقان التعافي الكامل للإنفاق”، والذي أشارت فيه إلى أنه وعلى الرغم من توقعاتها بتباطؤ تضخم أسعار المستهلك إلى 60 في المئة مقارنة بـ178.8 في المئة العام الماضي، إلا أن تضخم أسعار المستهلك المرتفع باستمرار سيؤثر على القوة الشرائية للأسر وسيمنع حدوث انتعاش ملحوظ في قطاع المستهلكين وقطاع التجزئة.

وبحسب الوكالة، فإن ارتفاع تضخم أسعار المستهلكين هو الخطر الرئيس على الإنفاق الاستهلاكي خلال العام 2022، بحيث أدى إلى تآكل القوة الشرائية وتحويل الإنفاق الاستهلاكي بعيداً من الإنفاق التقديري (أو ما يُعرف باالانفاق الاختياري، وهو مصطلح يصف فئة النفقات والتكاليف اليومية التي تتحملها الشركات والأسر المختلفة والتي تصرف بعد دفع النفقات الضرورية كافة)، في حين فاقم الصراع الروسي – الأوكراني من الضغوط التضخمية نتيجة أثره الكبير على الأسعار العالمية للسلع الأساسية كالنفط والغاز والأسمدة والقمح والذرة.

من جهة أخرى، توقعت Fitch Solutions نمو إنفاق الأسرة بنسبة 3 في المئة عام 2023 إلى 31.6 مليار دولار، مقارنة بـ 1.2 في المئة المسجل عام 2022، معتبرة أن هجرة المزيد من اللبنانيين إلى الخارج هرباً من تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، ستدعم إدخال التحويلات النقدية للأسر الضعيفة. وهذا ما يزيد من توقعات ارتفاع الإنفاق الأسري بمتوسط سنوي قدره 2.8 في المئة خلال الفترة الممتدة من 2022 – 2026، بعد أن سجل تقلصات كبيرة تقدر بنحو 12 في المئة عام 2021 ونحو 50 في المئة عام 2020.

وكان مؤشر أسعار المستهلك (الذي يمثل تطور أسعار السلع والخدمات التي تستهلكها الأسر)، قد كشف أن معدل التضخم الشهري في لبنان قفز من 144،12 في المئة في أيلول 2021 ليسجل مستويات أعلى من 162،47 في المئة في أيلول 2022، وذلك بحسب الإدارة المركزية للإحصاء. ويسجل لبنان منذ تموز العام 2020 معدلات تضخم ثلاثية الأرقام، ليكون بذلك شهر أيلول الشهر الـ 26 على التوالي الذي يُسجل فيه لبنان معدلاً تضخمياً من ثلاثة أرقام، ويستمر بذلك التضخم المفرط في رفع تكاليف الشراء، مدفوعاً بصورة أساسية بانخفاض قيمة الليرة اللبنانية.

تتزايد المخاوف من تهديد التضخم الثلاثي الأبعاد ما تبقى من الاقتصاد اللبناني، في ظل عدم اتخاذ أي خطوات جريئة تعيد الاستقرار إلى الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية. ومع استمرار الارتفاع الشهري للأسعار ولمؤشر الاستهلاك، سقط لبنان في فخ السيناريو القاتم للتضخم إلى حين تراجع معدلاته التي تتطلب حزمة من الاجراءات والتدابير اللازمة من أجل لجم انهيار القدرة الشرائية وتخفيض النفقات وتقليص هامش الانكماش تمهيداً لعودة النمو.

شارك المقال