البنك الدولي: القطاع المالي في لبنان أضخم من أن يعوّم

المحرر الاقتصادي

كان البنك الدولي حاسماً في تحديد آلية توزيع الخسائر المالية التي تقر بحدود 72 مليار دولار، فقال إن الحل المتمثل في خطة إنقاذ قائمة على ترتيب الدائنين، إلى جانب اصلاحات شاملة، هو الخيار الواقعي الوحيد أمام لبنان، بحيث تحمّل كبار الدائنين والمساهمين الكلفة الرئيسية لإعادة هيكلة القطاع المصرفي.

موقف البنك الدولي جاء في مرصد الاقتصاد اللبناني الذي أصدره تحت عنوان “حان الوقت لإعادة هيكلة القطاع المصرفي على نحو منصف”، والذي تناول التطورات الاقتصادية والآفاق والمخاطر الاقتصادية للبلاد في ظل حالة عدم اليقين المستمرة منذ فترة طويلة. 

وسلط التقرير الضوء على العوائق الرئيسية التي تحول دون حل شامل، لا سيما منها الخلاف بين الأطراف المعنية الرئيسية حول كيفية توزيع الخسائر المالية. 

وانتقد البنك الدولي تعويم القطاع المالي عبر الاستعانة بدافعي الضرائب، وقال إن من شأنه إعادة توزيع الثروة من الأسر الأفقر الى الاسر الاغنى، إذ سيطلب من عامة المواطنين تعويض المساهمين في المصارف والمودعين الاثرياء. 

وقال في هذه النقطة إنه قبل نشوب الازمة، “كان 1 في المئة من المودعين يملكون 50 في المئة من الودائع في النظام المصرفي اللبناني، في حين توزعت ملكية 20 في المئة من الودائع بين 0.01 في المئة من المودعين. إن تركز الودائع بشكل كبير بين عدد قليل من الأفراد ذي الملاءة المالية العالية، والذي يمثل إحدى أكثر حالات عدم الإنصاف في توزيع الودائع في التاريخ، يجب ان يُستخدم اساساً لاعتبارات تحقيق العدالة والإنصاف”. 

ورأى البنك الدولي أن حجم الميزانية العمومية والخسائر المرتبطة بها تجعل القطاع المالي أضخم من أن يعوّم، موضحا ًأن الخسائر المالية تجاوزت 72 مليار دولار، أي ما يعادل أكثر من ثلاثة اضعاف إجمالي الناتج المحلي في 2021. 

واضاف إن الخسائر المجمّعة تنبع عن قطاع عام متعثر في سداد ديونه، ومصرف مركزي لديه أكبر مركزي احتياطي سلبي في العالم، ونظام مصرفي متضخم وفي حالة إعسار. لذا، فإن الأصول الحالية والمستقبلية التي يمكن ان تعبئها الدولة بشكل واقعي من أجل عملية الإنقاذ تبدو ضئيلة للغاية أمام حجم الثغر في الميزانيات العمومية المتشابكة للمصرف المركزي والقطاع المصرفي والدولة. 

وفي رفض لاقتراحات جمعية مصارف لبنان، أعلن البنك الدولي أن “الاصول المملوكة للدولة والعقارات العامة لا تساوي سوى جزء بسيط من الخسائر المالية المقدرة. وينطبق الامر عينه على اي ايرادات محتملة من النفط والغاز التي لا تزال غير مؤكدة وتحتاج سنوات الى ان تتحقق”.

وكانت الجمعية اقترحت سابقاً انشاء صندوق توضع فيه اصول الدولة ويدار بطريقة تساهم عائداته في رد الودائع الى الناس. كما رأت أن عائدات النفط والغاز قد تكون حلاً لاستعادة الودائع. 

ويشير البنك الدولي إلى أن الاقتصاد اللبناني يواصل الانكماش، وإن كان بوتيرة أبطأ إلى حد ما. وفي دليل على استمرار الانكماش الشديد في الاقتصاد اللبناني، تواصل قيمة الليرة اللبنانية الانخفاض بشكل حاد. ويستمر التدهور الحاد في قيمة العملة في دفع التضخم المتزايد، الذي سجل أرقاماً ثلاثية منذ تموز 2020، مما كان له أشد الأثر في الفئات الفقيرة والأكثر احتياجاً. 

وتوقع أن ينكمش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 5.4 في المئة إضافية عام 2022، بافتراض استمرار حالة الجمود السياسي وعدم تنفيذ إستراتيجية شاملة للتعافي. كما توقع أن يبلغ معدل التضخم 186 في المئة في المتوسط عام 2022، وهو ما يُعد من بين أعلى المعدلات على مستوى العالم.

وقال التقرير الذي اطلع عليه “لبنان الكبير” إنه “من المرجح أن يؤدي الفراغ السياسي غير المسبوق في البلاد إلى زيادة تأخير التوصل إلى اتفاق بشأن حل الأزمات للأزمة وإجراء الإصلاحات التي تشتد الحاجة إليها”. ولفت إلى ان تباين وجهات النظر بين الأطراف المعنية الرئيسية بشأن كيفية توزيع الخسائر المالية لا يزال يمثل العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق بشأن أجندة إصلاح شاملة. 

“يحول هذا الخلاف دون إعادة هيكلة شاملة للقطاع المصرفي، وهو ما يُعد أمراً بالغ الأهمية لاستعادة استقرار القطاع المالي وتحقيق التعافي الاقتصادي”، حسبما جاء في التقرير.

ويشمل التقرير أيضاً قسمين خاصين هما: “البلدان المقارنة بمستوى العالم: الأزمة أكبر من مجموع مكوناتها”، و”الدولرة في لبنان”.

شارك المقال