فضائح الكهرباء… المطالبة بالتدقيق الجنائي لكشف المستور في العقود!

فدى مكداشي
فدى مكداشي

لا تزال فضيحة صفقة الفيول الأخيرة مستمرة بعد السجال الذي جرى بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والوزيرة السابقة ندى البستاني والتي أدت الى دخول رئيس ادارة المناقصات جان العلية على الخط لكشف المخالفات القانونية التي ارتكبت لتمرير هذه الصفقة.

وتساءل العلية في حديث خاص لموقع “لبنان الكبير” عن سبب اقدام وزارة الطاقة على توقيع اتفاقية مع شركة خاصة بسرعة قياسية مما رتب على الشاري غرامات مالية خصوصاً أن الدولة اللبنانية مفلسة.

وذكّر بأنه عقد منذ ثلاث سنوات مؤتمراً صحافياً طالب فيه بالتدقيق الجنائي “ولدي مؤلفات في هذا الخصوص وقناعة مني بأن التدقيق الجنائي في مصرف لبنان وحده لا يكفي لأنه علينا أن نذهب الى ما وراء العمليات الجنائية”، مشيراً الى أن “هناك عقداً وقعته وزارة الطاقة مع شركة أجنبيّة في تاريخ ١٣/١٢/٢٠٢٢، وبمجرّد توقيعه يُرتّب على الدولة التزامات مالية باهظة قبل أن نشتري الفيول”.

ولفت العلية الى أن “العقد الذي تم توقيعه يشير الى أنه يجب على الجهة الشّارية والتي هي لبنان أن تفتح الاعتماد قبل ١٠ أيام من تاريخ التسليم، أي إذا كان في ١٥ الشهر فيجب أن يكون الاعتماد مفتوحاً في الشهر الخامس”، معتبراً أن “إقدام الوزير على توقيع العقد الذي يتضمن هذا الموجب مع علمه بعدم وجوده وبما ينتج عن عدم الوجود من تعويضات مالية على الدولة اللبنانيّة يطرح علامة استفهام”.

وأوضح أن سبب مطالبته بالتدقيق الجنائي في الوزارة المعنية، “لكي نعرف لماذا وُقّع العقد ومن قام بتحضيره وأنا أعلم أن الوزير لا يحضّر العقود بل تصله العقود ليمضيها. أنا لا أقول انه يُعفى من المسؤولية، ولكن مسؤولية الوزير لا تحول دون ملاحقة المسؤولين الآخرين الذين حضّروا العقد وفي حال كانوا مستشارين وليس موظفين فهذه مسؤولية مضاعفة على الوزير والجهة التي تقف وراءه. الكلام الذي يتم تداوله عن أن الإدارة العامة تقوم بعقد مع شركة خاصة وبمجرّد توقيع العقد تترتب غرامات مالية للجهة الخاصة هو بمثابة فضيحة”.

أضاف العلية: “المادة 57 القانونية تقضي بعدم عقد صفقة إلا إذا توافر لها الاعتماد”، فكيف يمكن أن يوقّع الوزير على عقد من دون توافر الاعتماد وعلى عقد يُرتّب على الدولة 18 ألف دولار يومياً في حال التأخير؟. لدينا حوالي 50 ألف دولار يومياً غرامات ووزير الطاقة هو الذي قال إنهم وصلوا الى 300 ألف إذا لم تحل المشكلة السياسية. فهل ستصل الغرامات بعد أسبوع إلى مليون دولار؟ وهذه الغرامات لا يمكن للبنان أن يتهرّب منها لذا سيضطر الى أخذها مما تبقى من احتياطي المركزي. وبالتالي، هذا الأمر يُشكّل فضيحة كبيرة ويجب التحرّك فوراً لمساءلة وزير الطاقة وإحالة الموضوع على التدقيق الجنائي بوجود دلائل”.

وقال: “عندما أقوم بتحضير العقد وأقول إن التسليم بعد يومين لمادة كمادة الفيول، بحيث تكون إجراءات تسليمها معقّدة وأريد أن أفتح اعتماداً، وأن أعطي أمراً للشركة لتعطي أمراً للناقل، هذا لا يمكن أن يكون عن جهل وهناك مؤشرات على مصالح سياسية وهذا برسم القضاء للكشف عن سبب توقيع العقد بهذه السرعة”.

وأعلن أن سبب لجوئه الى عقد مؤتمر صحافي، “هو إطلالة الوزيرة السابقة ندى البستاني عبر (الجديد) وكأنها تريد تجهيل الفاعل من خلال قولها: لنسأل جان العليّة لماذا قام بمناقصة من دون توافر الاعتماد؟. وجاء الرد أنه يمكن إجراء المناقصة من دون الاعتماد، فذلك إجراء تمهيدي للعقد ولكن العقد لا يوقع إلا إذا كان هناك اعتماد والمسؤول عن توقيع العقد هو وزير الطاقة. البستاني التي اتهمتني بأنني أنتمي الى فريق سياسي، جاوبتها في المؤتمر الصحافي بأنني أنتمي الى وطن، أما هي فتنتمي الى فريق يؤمن بالحصص. لا أريد أن أدخل مع أحد في جدال سياسي وأنا أقوم بما يمليه عليّ ضميري. إذا مرّ عقد بهذا الشكل وسكتّ عنه فأكون مشاركاً في التضليل والتغطية. أما إذا مر عقد بحجم الفضيحة وشرحت عنه وقمت بواجباتي تجاهه فيعني أنني لا أستر على أحد”.

وأوضح العلية أن “سلفة الخزينة تُعطى بمرسوم يعلّق إعطاءها على تعهّد الجهة المستلفة بأنها سترصد اعتماداً في موازنتها للسداد. لذا، عندما نستدين أقل الإيمان أخذ ضمانة باسترداد الأموال، وبالتالي، سلفة الخزينة هي دين. أمّا ما دمر الخزينة فهو أن سلف الخزينة التي أعطيت في الماضي، كانت تُعطى من دون احترام هذا الموجب القانوني وبالتالي تحولت من دين إلى عبء. وهنا أتكلّم تحديداً عن مؤسسة الكهرباء لأنها أخذت الرقم القياسي من سلف الخزينة ولم تكن قادرة على ردّها وبالتالي كأننا ندين مفلساً”.

ورداً على تصريح النائب إدي معلوف عبر “تويتر” الذي اعتبر كلام العلية في مؤتمره “قنبلة دخانية”، أعرب العليّة عن أسفه لأن “نائباً في البرلمان اللبناني يتعاطى مع موضوع يُكبّد الدولة اللبنانيّة ما لا يقل عن 50 ألف دولار يومياً ويعتبره قنبلة دخانية، فيما المصالح الخاصة بالنسبة الى سعادته لا يعتبرها قنابل دخانية، أما كل ما يتعلق بالمال العام والمصلحة العامة هو قنبلة دخانية”.

بيضون

أما المدير العام السابق للاستثمار في وزارة الطاقة غسان بيضون فرأى أن “ندى البستاني تحاول تغطية الفساد والفشل، ولا نعلم بأي صفة تتدخل فهل هي وريثة الطاقة؟ علماً أنه ليس لديها حق ولا معرفة بالقانون وتحاول أن تدافع عن شيء لا يمكن الدفاع عنه. للأسف يعملون على أساس (العربة قبل الحصان) وقبل توافر شروط السلفة وشروط التمويل أجروا صفقة وهذا خطأ، لا يجوز أن تُعقد أي صفقة قبل توافر الاعتماد. كل هذه الفوضى لا معنى لها. الاعتماد يجب أن يكون حاصلاً غير معلّق على شرط أو حدث في المستقبل”.

وشدد على أن “من أقدم على إجراء مناقصة وقبِل بإجرائها وأمر بجلب البواخر هو المخطئ. أصلاً كل الترتيبات غير قانونية وغير مبررة ويحاولون من جهة المدير العام ورئيس مجلس الادارة في مؤسسة كهرباء لبنان كمال حايك والوزارة أن يبقوا مبرر التعرفة قائماً، وقد سقط ذلك لأنه كان مربوطاً بتأمين التغذية ومن المستحيل أن تتأمن التغذية في هذا الوقت الحالي. من ناحية أخرى، يتشاطرون على الحاكم بالطلب منه إعطاءهم كتاب إلتزام للدفع للمتعهد، فلماذا يريد إعطاءهم كتاب التزام؟ هو الذي يريد أن تعطيه المؤسسة كتاب التزام بالسداد ولا تتجرأ على ذلك لأن المال الذي ستأخذه كهرباء لبنان ستنتج به 70% كهرباء منها سرقة و30% ستتم فوترتها وصرفها على متأخراتها والتزاماتها لمتعهدي التشغيل والصيانة ولمقدمي الخدمات وللمستخدمين، وهذه كلها محاولات لتعويم كهرباء لبنان من إفلاسها وتغطية الهدر والفساد المستمرين فيها”.

أمّا عن اتهام الرئيس ميقاتي بخرق الدستور، فقال: “هذا يتعلّق باجتماعات مجلس الوزراء الذي يصدر مراسيم من دون إمضاء الـ24 وزيراً. وبالتالي، هناك جدل دستوري حول هذه الحكومة وقدرتها على عقد اجتماعات لمناقشة الأمور الضرورية. لكنهم لا يصارحون الناس بأنهم يخالفون القوانين بالنسبة الى إدارة شؤون قطاع الكهرباء وتأمين سلفة خزينة”.

وتساءل بيضون “من أين يريدون تأمين سلفة خزينة وهي خاوية؟ وهل عينهم على حقوق السحب أي التي تصل الى المليار و٣٠٠ مليون والتي لا نعلم كم تبقّى منها وهم يساومون رئيس الحكومة على إعطائهم إياها، أم من أموال مصرف لبنان، أو أموال المودعين؟”، معرباً عن اعتقاده أن “هذا المال سيذهب ولن يعود الى أصحابه، وفي حال حصل التمويل سيكون لمرّة واحدة فقط لا غير لأنهم بالتأكيد لن يردوا الأموال”.

أضاف: “كانت تتم سرقة 36% من الكهرباء قبل الأزمة أي عندما كان الكيلوواط 38 ليرة متوسطة. اليوم عندما أصبح الكيلوواط 12,000 كيف سيصمد الرادع الأخلاقي عند الناس التي تقوم بالمفاضلة بين أكلها والكهرباء؟ وبالتالي، كل الكلام عن تزويدنا بـ 10 ساعات تغذية هو ترقيع للفشل والدليل على ذلك قرار كهرباء لبنان برفع التعرفة وكثرة الشروط التي تشير الى أنهم غير مقتنعين ويقولون بوجوب أن تتضافر جهود مصرف لبنان ووزارة المالية ووزارة الدفاع وقيادة الجيش والأمن الداخلي ويريدون كل الكون أن يعاونهم ليمنعهم من التعدي على الشبكة”.

وتعليقاً على البيان الأخير لـ “كهرباء لبنان”، عن أن الغاز أويل نفذ في الزهراني وسيتوقف، أكد بيضون أن “هذا استمرار لابتزاز الناس وتهديدهم وذلك ليس بجديد أي منذ العام 2011 يتم التهديد بالعتمة الشاملة. كما أن توقيت تحرك كهرباء لبنان وقصة تأخر وصول البواخر والتأخّر في التفريغ عمرها سنوات”.

أما وضع اللوم على مصرف لبنان، فقال: “يحتاج من الحكومة قراراً ليغطي نفسه. أما إذا على حساب الخزينة فنحتاج الى مرسوم أو قانون. ولكن من أين نأتي بذلك؟ هذه مخالفة. والبستاني تقول وعدنا ميقاتي بإعطاء (الموافقة الاستثنائية) ما يعني أن على حاكم مصرف لبنان أن يطبع مليار ليرة وضخها في السوق. هذه كلها مراوغة. وبالتالي، المواطن هو الضحية الأكبر الذي سيدفع الفواتير من دون الحصول على الكهرباء”.

شارك المقال