ذلّ البنزين يتمدد بين التزامات “المركزي” وطمع الشركات

آية المصري
آية المصري

مشهد إذلال اللبنانيين أمام محطات المحروقات مستمر. الطوابير والزحمة الخانقة على حالها في مختلف المناطق اللبنانية، لا بل تزداد طولاً ساعة بعد ساعة. وبحسب بعض المتفائلين من المفترض أن تنفرج الأزمة قريباً، ولكن المسألة أكبر من ذلك فطمع الشركات وفساد اصحاب المحطات لا ينتهي، وإذا انصاع مصرف لبنان لمطالبهم ورفع الدعم ستُباع المواد النفطية المخزنة على السعر الجديد وهنا تقع الكارثة، وقد يقود ذلك إلى أحوال أكثر خطورةً.

البراكس: الأزمة إلى انفراج ولكن…

أوضح عضو نقابة المحطات في لبنان جورج البراكس لـ “لبنان الكبير” أن “أزمة المحروقات إلى انفراج، فمصرف لبنان أصدر أمس بياناً أعلن فيه منح أذونات لفتح اعتمادات استيراد محروقات، شرط عدم المس بالتوظيفات الإلزامية، وهذا يؤكد أن الأزمة ستنفرج والبضاعة المستوردة ستأتي، والشركات ستبدأ بالتوزيع للمحطات وهذه الأخيرة ستقدم المحروقات للمستهلك”.

وقال: “أما في ما يتعلق بتوزيع الـ 95 أوكتان لعامة الشعب، فهذا مجرد فكرة ولم تأخذ موافقة وزارة الطاقة ولا يمكن تطبيقها على أرض الواقع. الموضوع الرئيسي أن مصرف لبنان سيحل هذه الأزمة مؤقتاً، ولكن إذا لم نتوصل لحل السبب الرئيسي سنعود إلى الأزمة من جديد”.

وأكد وجوب أن “تكون الحكومة والسلطة واضحتين معنا، فإذا كانت الحكومة لا تريد رفع الدعم، فلتؤمن الدولارات لمصرف لبنان بأي طريقة من الطرق، وفي حال كانت الحكومة عاجزة عن تأمين الدولارات، فلتذهب إلى رفع الدعم ولكن لا يرفع الدعم ونحن لا نملك البنزين وننشر الرعب والطاقة السلبية عند اللبنانيين. فلنضع خارطة طريق لمدة أربعة أشهر ونذهب إلى رفع الدعم التدريجي وتكون البطاقة التمويلية جاهزة للتعويض عن المواطنين، وفي الوقت نفسه نكون قد أنقذنا فصل الصيف من حالة الرعب. فكيف لرواد الخارج زيارة لبنان وهم يشاهدون هذه المشاهد والطوابير عبر مواقع التواصل الاجتماعي”.

وشرح البراكس فقال: “مبدأ عملية الاستيراد والتخزين والتوزيع داخل المحطات. فمثلاً 20 مليون ليتر لا قيمة لها، فإذا كانت هذه الشركة توزع مليوني ليتر في اليوم الواحد، فهذه الكمية تنتهي بعد عشرة أيام ويجب عليها إدارة مخزونها لأنها تنتظر مجيء الباخرة تقريباً من 10 إلى 15 يوماً، ومن الطبيعي أن توزع هذا المخزون التي تمتكله لعدة أيام كي لا تستهلك الكمية التي تمتلكها قبل وصول الباخرة الجديدة. فمن حق أصحاب المحطات الشرعي إدارة مخزونهم بشكل صحيح للتمكن من تغطية أكبر عدد من المواطنين، وهذا المخزون الموجود في مستودعات الشركات اليوم اقل مما يجب أن يكون ومن المفترض على الشركات المستوردة أن تملك مخزوناً استراتيجياً لتلبية حاجات الشعب وهذه ليست بجريمة”.

جزيني : لماذا لدينا 10% استهلاك إضافي؟

الخبير الاقتصادي الدكتور محمد جزيني أوضح لـ “لبنان الكبير” أن “هناك مشكلتين حالياً، المشكلة الكبرى وطويلة الأمد المرتبطة في بيان مصرف لبنان، وهي ليست هيكلية، فاليوم مشكلة بنزين وغداً مشكلات أخرى. ولكن البنزين هو من أكثر المواد التي يتم دعمها بالدولار الذي يؤمنه المصرف المركزي واكثر مادة تستعمل على كل أطياف الشعب اللبناني. وحل هذه الأزمة يرتبط بتأمين الدولارات ويإيجاد حلول لمشكلة الاقتصاد اللبناني بشكل عام وهذا سليم، لكن قبل الدخول في الأزمة المالية التي يمر فيها البلد، هناك على المستوى القصير تفاصيل أكثر لها علاقة بموضوع البنزين ألا وهي موقف مصرف لبنان من جهة وموقف التجار من جهة ثانية. فالأول يحاول تعديل موضوع فتح الاعتمادات للشركات المستوردة للنفط على أساس التخفيف من حدة الطلب أو من استيراد هذه الشركات، لأنها تقوم بتخزينه واليوم تنتظر رفع الدعم كي تبيع المخزون الذي تمتلكه واشترته على سعر الدعم وتبيعه على السعر الجديد، وبهذا تحقق أرباحاً مضاعفة، هناك مشكلة مع أصحاب ومستوردي المواد النفطية ولا سيما البنزين والمازوت”.

وأشار جزيني إلى أن “اليوم لا يمكننا عدم النظر لأرقام السنوات السابقة 2019 و2020 ومقاربتها مع هذا العام. وهنا السؤال يُطرح كيف نحن نعيش في وضع اقتصادي متأزم والعجلة الاقتصادية منهارة ومصروف المحروقات في تزايد مستمر؟ أين المنطق نحن لدينا استيراد للمواد النفطية بأكثر من 10% من السنة السابقة، أي في شهري أيار وحزيران استوردنا الكمية عينها من سنة 2020 ومع زيادة 10%. وهناك من يحتجزه في مخازن المستوردين وجزء منه يهرب إلى الخارج، وهذا واقع لا بد من الالتفات إليه وأخذ الإجراءات اللازمة، فلا رقابة من وزارة الاقتصاد على مستوردي النفط”.

ورداً على كلام البراكس قال: “٦٦ مليون ليتر اكثر من ثلاث اضعاف الكمية، هل للشركات الحق في كيفية إدارة المخزون؟ وهل إذا تم رفع الدعم سيلتزم أصحاب المحطات بالمخزون الموجود حالياً أي 66 مليون طن يُباع على سعر 1500؟”.

وتمنى على البراكس أن “يشرح للبنانيين لماذا اليوم لدينا 10% إستهلاك إضافي ومن المفترض أن يكون لدينا 40% أقل، ولماذا خلال فترة الإقفال العام في البلد كان مصروف البنزين نفسه؟ أين كان يُصرف البنزين والبلد مُقفل، وأرقام مصرف لبنان تقول إنه خلال الإقفال استورد لبنان الكمية نفسها، كما لو أن البلد مفتوح والعجلة الاقتصادية جيّدة”.

يبدو أن الشعب اللبناني فريسة ينهشها أصحاب المال والسلطة، فاليوم ومع حل أزمة البنزين المؤقتة نرى أن هناك أزمات عديدة مرتبطة بهذا الواقع، فحتى لو اختفت الطوابير نرى أن المشكلة ستزداد إذا تم رفع الدعم لأن غريزة وشهوة المال لدى أصحاب الشركات ستلتهم المواطن المسكين.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً