هل تُنصف لعبة الـ 100 مليون المودع الحقيقي؟

هدى علاء الدين

لم يكد مصرف لبنان يُعلن عن فتح اعتماد منصة “صيرفة” للمؤسسات والأفراد مع تحديد مبلغ 100 مليون ليرة فقط للحساب الواحد شهرياً، حتى هرع اللبنانيون إلى المصارف لإيداع المبلغ المطلوب بهدف الحصول على ما يوازيه من الدولار على سعر المنصة وبيعه في السوق السوداء لتحقيق بعض المكاسب. هذه العملية التي سارت في الأسبوع الأول على ما يُرام شهدت في الأسبوع الثاني بعض التعقيدات لا سيما مع حصر “المركزي” فتح الاعتمادات بالأفراد الذين لديهم حساب مصرفي يتخطى الـ 50 ألف دولار فقط وعدم استيفاء المودعين دولاراتهم حتى الآن.

ومع ازدياد شكاوى المواطنين من تأخر سير المعاملات والغموض الذي يكتنف مصير أموالهم المودعة، أكّد مصدر مصرفي لموقع “لبنان الكبير”، أنه في حال حوّل المصرف ملف صاحب الـ 100 مليون ليرة إلى مصرف لبنان من أجل الافادة من منصة “صيرفة”، فهذا يعني أنها لا تزال محفوظة، وفي حال لم يتم ذلك فستبقى هذه الوديعة تحت “رحمة المصارف” التي لها الحرية المطلقة في تحويلها الى “المركزي” من عدمها خصوصاً وأن التعميم 175 الذي أنشئت بموجبه منصة “صيرفة” ألزم المصارف التسجيل عليها ولكن في الوقت نفسه ترك لها قرار إتمام عملية التبادل، بمعنى أن المصرف الذي لا يريد العمل بالمنصة لديه حق مشروع وليس في ذلك أي مخالفة لتعميم مصرف لبنان.

وعما إذا كان يحق للمصارف استلام هذه القيمة من المودع مع علمها السابق أنها لن تقوم بتحويلها إلى “المركزي” وعدم إعلام المودع بذلك صراحة، رأى المصدر أنه لو كان ذلك الخطأ الوحيد الذي تقوم به المصارف لكان يُمكن تقبله، لكن المشكلة تكمن في سلسلة من الاجراءات غير القانونية وغير الأخلاقية وفي عدم تعاملها بشفافية مع المودعين. وبحسب المصدر، يستطيع المودع إذا ما أراد استرجاع وديعته الذهاب إلى الفرع الذي أودع فيه مبلغ الـ 100 مليون والطلب منه عدم الاستفادة من منصة “صيرفة”، لكن الأهم يبقى في كيفية تعاطي المصرف مع طلب المودع لا سيما وأنه قام بخصم عمولة على عملية الايداع ومن الممكن أيضاً أن يخصم عمولة على عملية السحب النقدي. وفي حال استشعر المودع حدوث أي عرقلة، يمكن له اللجوء إلى هيئة الرقابة على المصارف وتقديم شكوى، أو التوجه إلى الادارة العامة للمصرف وتقديم شكوى بحق الفرع إن شك بأن العرقلة تأتي من الفرع حصراً.

أما عن قيام مصرف لبنان بتعديل قواعد الاشتباك، فأرجع المصدر ذلك إلى اكتشاف “المركزي” تجنيد بعض المصرفيين لأشخاص ينتحلون صفة المودع وإعطاءهم أوراقاً نقدية بالليرة اللبنانية لإيداعها مقابل شراء دولارات مدعومة لحسابات المصرفيين ليكونوا بذلك هم أصحاب الحق الاقتصادي. ولدى طلب مصرف لبنان الكشوفات اللازمة عن عمليات الإيداع كافة، تحصّن المصرفيون بسلاح السرية المصرفية ولم يفصحوا عن هذه الكشوفات، مستبعداً أن يكون مصرف لبنان قد منحهم هذه المساحة لتأمين الدولار فريش كي يدعموا به رأسمالهم.

تشير المعلومات إلى أن يوم الاثنين في التاسع من الشهر الجاري كانت المرة الأخيرة التي تسلم فيها مصرف لبنان أوراقاً نقدية من المصارف، لتحصل بعد ذلك حالة من البلبلة والتباس بين الطرفين بسبب عدم استجابة مصرف لبنان لطلبات المصارف التي اضطرت إلى التواصل مع المودعين لاعلامهم بما آلت إليه الأمور. وبحسب المعلومات التي تعطيها المصارف للمودعين، فإن الأمر متوقف عند “المركزي” الذي من المتوقع أن يسير بإجراءات هذه العملية ليحصل المودع على دولاراته نهاية الأسبوع الجاري أو مطلع الأسبوع المقبل، ليبقى السؤال عما إذا كان المودع الحقيقي سيدفع ثمن لعبة بعض المصرفيين وكبار التجار ويُحرم من الاستفادة رهن استجابة مصرف لبنان؟

شارك المقال