لبنان يودع الـ 1500 ويستقبل”صيرفة” الـ 42000

هدى علاء الدين

ودّع لبنان أمس سعر صرف الدولار الرسمي عند 1500 ليرة بعد أن استمر حوالي ربع قرن، ليعتمد سعر صرف جديداً بزيادة 10 أضعاف بلغ 15000 ليرة، ليكون هذا القرار الخطوة الثانية بعد رفع الدولار الجمركي باتجاه توحيد أسعار الصرف المتعددة. وعلى الرغم من أن السعر الرسمي القديم قد انتهت صلاحيته منذ أن بدأت الليرة اللبنانية بالانهيار نهاية العام 2019 ودخول لبنان مرحلة الدولرة الشاملة، تبقى لهذا القرار تداعيات ستظهر تباعاً على الساحة النقدية سواء أكانت إيجابية أم سلبية.

قرار دخول تنفيذ سعر الصرف الجديد سبقه حديث لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة أعلن فيه أن رفع سعر الصرف سينطبق على المصارف، الأمر الذي سيؤدي إلى انخفاض رؤوس أموال المؤسسات الواقعة في قلب الأزمة المالية، مشيراً إلى أن المصارف التجارية ستشهد انخفاض جزء من رؤوس أموالها المقوّم بالليرة بمجرد تحويله مقابل الدولار بسعر 15 ألفاً بدلاً من 1500. ومن أجل تخفيف أثر هذا التحول، ستمنح المصارف خمس سنوات لتعويض الخسائر الناجمة عن خفض قيمة العملة، ليكون ذلك بمثابة تحدٍ جديد للمصارف التي تواجه نقصاً حاداً في سيولتها بالعملة الأجنبية وسط مطالبات بإجراء إعادة هيكلة للقطاع كإجراء إصلاح ضروري.

ومع انتهاء اليوم الأول من تطبيق لبنان سعر الصرف الجديد، لم تصمد منصة “صيرفة” كثيراً مع إعلان “المركزي” وصول حجم التداول عليها الى 25 مليون دولار أميركي أي بمعدّل 42000 ليرة للدولار الواحد وفقاً لأسعار صرف العمليات التي نفذتها المصارف ومؤسسات الصرافة على المنصة، لترتفع بذلك 4000 ليرة مخالفة التوقعات التي أشارت إلى ارتفاعها إلى 45000 ليرة. فالمنصة التي توقفت يوم أمس عن صيرفة المعاش للقطاع الخاص واقتصرت على القطاع العام فقط، ينتظر المستفيدون منها عودة عملها بصورة طبيعية بعد توقف دام لأسابيع، مع الاشارة إلى أن الضغط الذي تشهده المنصة مؤخراً قلّص من قدرة المصارف و”المركزي” على توفير الكميات المطلوبة من الدولار لزوم عملياتها. كما أن ارتفاعها من جديد سيكون مرتبطاً بأمرين رئيسين هما حاجة “المركزي” الى التخفيف من كمية الليرة المتداولة في السوق واللحاق بسعر صرف الدولار في السوق السواء، وهو أمر يُظهر بصورة مباشرة عجز المنصة عن أداء مهمتها المتمثلة في خفض سعر الصرف في السوق الموازي.

وبالعودة إلى سعر الصرف الرسمي الجديد، فمن المتوقع أن يحقق هذا السعر بعض الايرادات لخزينة الدولة عبر دفع الضرائب والرسوم التي ستحتسب على الـ 15000، فضلاً عن الضريبة على القيمة المضافة. أما عن الدولار المصرفي أو ما يُعرف باللولار فسيرتفع من 8000 إلى 15000 وسط تخوف من زيادة مفرطة في الكتلة النقدية والتي قد تسهم في مزيد من الارتفاع في سعر صرف الدولار، في حين ستسدد القروض الشخصية والتجارية التي كانت تُحتسب على سعر الـ 1500 وفقاً للسعر الجديد، مع الاشارة إلى أن بعض المصارف لا يزال حتى الآن ترفض سداد قيمة القروض وفقاً لسعر الصرف الرسمي.

يتخبط لبنان في دوامة دولارية جعلت القرارات المالية والنقدية عبئاً إضافياً على أزمته، بعدما أنتجت الفوضى العارمة في الأسواق وغياب الرؤى الاقتصادية أسعاراً متعددة للصرف بات من الصعب التخلص منها. ومع التخلي عن سعر الصرف الرسمي، يدخل لبنان مرحلة جديدة قد تتحوّل إلى كارثية في حال خسر المصرف المركزي الأوراق التي يملكها للتحكم في سوق الصرف، ليبسط بذلك المتحكمون بالسوق الموازية سلطتهم على الدولار من دون أي منازع، خصوصاً وأن الضغوط على مصرف لبنان لناحية تلبية الدولار للحكومة ومنصة “صيرفة” والقطاع العام في حال استمرت على وتيرتها من دون أي دعم مالي خارجي يُغذي احتياطاته بالعملة الأجنبية.

شارك المقال