77% من الأسر اللبنانية لا طعام كافياً لديها

المحرر الاقتصادي

منذ أكثر من عام، يواجه لبنان أزمات متتالية اقتصادية ومالية ونقدية واجتماعية وصحية تفاقمت مع تفشي فيروس كورونا وانفجار مرفأ بيروت الكارثي. هذه الأزمات تضافرت في ما بينها لتزيد من معدلات الفقر بين اللبنانيين. فتقديرات الأمم المتحدة تشير إلى أن 55 في المئة من من اللبنانيين يعيشون تحت خط الفقر، أي على أقل من 3,84 دولارات في اليوم الواحد. فيما ارتفعت نسبة الذين يعيشون في فقر مدقع إلى 23 في المئة. كل ذلك وسط ارتفاع مطرد لمعدلات التضخم التي وصلت إلى 119.8 في المئة في أيار الماضي، وفقدان الليرة نحو 90 في المئة من قيمتها منذ بدء الأزمة الاقتصادية.

هي أرقام صادمة نشرتها منظمة اليونيسف في تقرير خطير حمل عنوان “لبنان: مستقبل الاطفال على المحك” من منطلق أن بناء الأدمغة يشكل بناءً للمستقبل. فـ77 في المئة من الأسر تقول إنها تفتقر إلى ما يكفي من طعام، وأكثر من 30 في المئة منها لديها طفل واحد على الأقل تخطى إحدى وجبات الطعام الأساسية أو نام بلا عشاء، و15 في المئة منها عمدت إلى ايقاف أطفالها عن التعليم، و60 في المئة اضطرت إلى شراء الطعام من خلال مراكمة الفواتير غير المدفوعة أو اقتراض المال. وفي المعلومات الواردة في التقرير أن مزيداً من الأسر باتت تلجأ إلى تزويج بناتها مبكراً لتخفيف العبء الاقتصادي. كما بينت الإحصاءات أن 40 في المئة من الأطفال ينتمون إلى أسر لا يعمل فيها أحد، وأن 77 في المئة منهم ينضوون في أسر لا تتلقى أي مساعدة اجتماعية.

هي نسب مقلقة حول مصير حوالي مليوني طفل يعيشون في لبنان. وهي تقاطعت مع تقرير مقلق أيضاً أصدره البنك الدولي منذ أيام حول التعليم في لبنان واصفاً هذا القطاع بأنه في خطر، حيث إنه من ضمن ما كشف أن الأطفال اللبنانيين لم يعودوا في الطليعة مقارنةً بأقرانهم الإقليميين على صعيد تنمية رأس المال البشري وهو ما يعرّض مستقبل إنتاجيّة القوة العاملة في البلاد للخطر. ولفت البنك الدولي في تقريره إلى أنّه بحسب مؤشّر رأس المال البشري، فإنّ الأطفال المولودون في لبنان سيصلون على المعدّل إلى 52 في المئة فقط من إنتاجيّتهم المحتملة عندما يكبرون مقارنةً مع نسبة 57 في المئة لأطفال منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ونسبة 56 في المئة لأطفال بلدان الدخل المتوسّط الأعلى. وكشف التقرير أيضاً أن الإنفاق العام على قطاع التعليم في لبنان لا يتخطّى نسبة الـ2 في المئة من الناتج المحلّي الإجمالي، وهي النسبة الأدنى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأدنى بكثير أيضاً من نسبة الـ4 في المئة التابعة لمنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية. ووجّه نداء عاجلاً إلى وجوب تنفيذ الإصلاح ومعالجة التراجع في النتائج التعليمية للتأسيس لمستقبل أفضل وزيادة الاستثمار كماً وكيفاً في تحسين النتائج التعليمية للأطفال، والحرص على تزويد الشباب اللبناني بالمهارات التي يتطلبها سوق العمل لتمكينهم من الإسهام في تحقيق التعافي الاقتصادي للبلد.

في هذا الإطار، تشير الاحصاءات إلى أن إغلاق المدارس أثّر على أكثر من 1.2 مليون طفل في سن الدراسة في العام 2020، وأن الفقر وعوامل أخرى كثيرة سلبية أدت إلى إبقاء حوالي 400 ألف طفل خارج المدرسة. وقد تعززت هذه المشكلة نتيجة انفجار مرفأ بيروت الذي تسبب في أضرار طالت أكثر من 183 مؤسسسة تعليمية، وهو ما أثّر على أكثر من 77 ألف طالب.

كل ما سبق ذكره يؤشر بلا لبس على أن المستقبل قاتم سيما وأن الاقتصاد سينكمش بنسبة إضافية في العام 2021، بحوالي 9.5 في المئة. من هنا، فإن الحاجة أكثر ماسة لتوفير الإعانات النقدية والإسراع في إصدار البطاقة التمويلية التي أقرها مجلس النواب. علماً أن مصير هذه البطاقة ليس واضحاً بعد في ظل استمرار الغموض حول مصادر تمويلها والتي حددت بـ556 مليون دولار. فمصرف لبنان يرفض التمويل من التوظيفات الإلزامية، فيما قرض البنك الدولي لا يزال مجهول المصير كون مجلس المديرين التنفيذيين في البنك لم يصدر قراره بعد عقب ادخال تعديلات على الصيغة الأساسية للاتفاقية مع الجانب اللبناني.

“على السلطات اللبنانية أن تقوم بشكل عاجل بتوفير المساعدة التقنية إلى الفئات الأكثر فقراً وضعفاً وخصوصاً الأسر التي لديها أطفال أو أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة”، تقول “اليونيسف”. وهي تدعو أيضاً إلى ضمان التمويل المالي لتقديم تعليم نوعي إلى جميع الأطفال في لبنان، وضمان الدعم المالي لتعزيز خدمات الرعاية الصحية الأولية.

شارك المقال