بعد أزمة الدولار… سوق سوداء للطوابع والأسعار “على عينك يا تاجر”

ساريا الجراح

أزمة الطوابع في لبنان مشكلة يواجهها منذ فترة طويلة وتتعلق بنقص الطوابع البريدية المتاحة وصعوبة الحصول عليها بصورة مناسبة. وتعود هذه المشكلة إلى عدة عوامل أبرزها الأزمة الاقتصادية والفساد والتقصير اضافة الى تدهور الخدمات العامة. المضحك البكي هو حين تصبح كلفة طابع الألف ليرة عشرين ألفاً أو أكثر، هذا إن تكرّم “السماسرة” وقبلوا بأقل من عملة الفريش دولار. يصنّف السباق بين الدولار والطوابع في سياق “وجهان لعملة واحدة”، والثابت أن الطوابع المالية دخلت منذ انفجار الأزمة المالية والنقدية والاقتصادية في البلاد دائرة السوق السوداء والإحتكارات، فباتت نادرة والحصول عليها صعب إلا اذا دفع ثمن الطابع أضعاف سعره الحقيقي.

وفي وقت تتّجه فيه الكثير من الدول المتقدّمة إلى التخلي عن استخدام الطابع المالي الورقي واستبداله بنظام حوسبة – وهي ماكينات مُسبقة التعبئة تُستخدم حالياً في المصارف ووزارة الخارجية – ما يخفف من عبء الطلب على الطوابع الورقية، يجري الحديث عن الطابع الالكتروني، الذي يحتاج فقط الى مرسوم تطبيقي لبدء العمل به.

في هذا السياق، وفي ظل الفراغ الرئاسي تفتقد عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب غادة أيوب الجلسات التشريعية، مؤكدة باسمها واسم الكتلة أنهم لن يذهبوا الى جلسات تشريعية نهائياً، ولا نية لهم في اقرار قوانين سواء كانت اصلاحية أو ضبط المواصلات الالكترونية أو حتى التخفيف من احتكار الطوابع المالية وبيعها بأسعار لا تعود بالنفع على الدولة اللبنانية انما على جيوب المحتكرين فقط.

وتعرب أيوب في حديث لموقع “لبنان الكبير”، عن أسفها لعدم تحرك وزارة المالية لضبط المحتكرين بصورة تامة، على الرغم من أنها تتحمل المسؤولية في اهمال ضبط هؤلاء التجار تحت حجة عدم توافر المال للأوراق أو فقدانها من السوق.

وعن امكان الانتقال الى التحول الرقمي، تشير أيوب الى أن “استبدال الطوابع الورقية بطوابع الكترونية هي استراتيجية مطلوبة من كل الاصلاحات الأساسية”، وذلك بهدف التخفيف من الفساد في الادارات ومبدأ البيروقراطية الذي يستهلك أسبوعاً أو ربما شهراً عوضاً عن ساعة أو ساعتين.

وتتساءل: “هل عدم تفعيل التحول الرقمي هو حماية للفساد المستشري في الادارات أم أن التشريع خارج التغطية حقاً؟”، معتبرة أن “الموضوع أبعد مما نتوقع، بغض النظر عن الاصلاحات الادارية التي قد تؤدي الى كشف الكثير من خلايا الفساد المتموضعة وتسهم في تخفيف اليد المتسلطة على الاحتكار من نافذين وأشخاص يمتلكون السلطة في الداخل السياسي”.

وتوضح أيوب أن الادارة عاطلة عن العمل اليوم، واذا فتحت أبوابها فانها تعمل قرابة اليومين فقط في ظل هذا الوضع والرواتب المتدنية، لافتة الى تداول أنباء عن توقف القبض بالدولار وامكان تحوله الى الليرة اللبنانية بحسب قرار وزيرالمالية يوسف الخليل. وترى أن الحل يكمن في تطهير القطاع العام، والابقاء على الموظفين المثابرين أصحاب الكفاءة والجدارة الذين يستحقون حوافز في سبيل عملهم الدؤوب ما يساعدهم على استكمال معاملاتهم على أكمل وجه في الادارة، مطالبة بتسريح أصحاب الأكف الملطّخة بالفساد ومعاقبتهم.

في المقابل، يؤكد المختار صلاح صالح لـ “لبنان الكبير” أن الطابع الذي توازي قيمته ألف ليرة لبنانية يشتريه اليوم بخمسين ألف ليرة، كذلك طابع العشرة آلاف ليرة مقابل مئة ألف، واصفاً العملية بـ “احتكار ما بعده احتكار” على مستوى لبنان ككل.

ويشدد على أن المسؤولية الكاملة تقع على وزارة المالية بالدرجة الأولى ومن ثم الدولة، مطالباً برفع سعر الطابع الى المئة ألف ليوازي سعر صرف الدولار اليوم من أجل فتح باب استفادة الدولة على حساب التجار “المحتكرين” في السوق السوداء. ويبدو أن تشريع قانون الطوابع الالكترونية لن ينفع وخصوصاً في ظل استفادة الدولة على حساب المواطن، مشيراً الى أن هدفه الأول والأساس فتح باب مالي للدولة على حساب المواطنين الذين يصارعون نوافذ الضرائب يومياً.

ويرى صالح أن “أزمة الطوابع لن تنتهي الا في حال رخّصنا لروابط المختارين حرية الحصول على الطوابع، عندها لن نشهد أزمة فقدان طوابع”. وكشف أنه على معرفة برجال من السوق السوداء يسرّبون طوابع لوزارة المالية غير مرخّصة، أمّا عند المختارين فيعرف الطابع بقيمته.

وحيث أن الطوابع يحتكرها عدد من البائعين الذين يتحكمون بأسعارها خلافاً لسعرها الرسمي في ظل عدم قدرة الوزارات على طبع المزيد منها لأسباب ادارية ومالية، فان الحل يكمن في رفع الغبن عن اللبنانيين عبر اعتماد الطابع الالكتروني أو آلات الوسم.

شارك المقال