المعامل الكهرومائية والطاقة الشمسية مصدران كافيان لانارة لبنان

حسين زياد منصور

ملّ الشعب اللبناني من سيرة الكهرباء وفضائحها من البواخر وهدر الأموال وغيرها، الى الوعود الكاذبة عبر السنين، ولسنا بحاجة الى استحضار روح المؤتمر الذي عقده أحد وزراء الطاقة منذ سنوات، وأعلن فيه أن لبنان بعد فترة قليلة من تاريخ عقد المؤتمر سيشهد كهرباء دائمة، لأن رائحة فضائح الكهرباء “معباية الجو”.

منذ ثلاث سنوات واللبنانيون يتهافتون بصورة كبيرة على شراء ألواح الطاقة الشمسية، وأصبحوا يتمتعون بشبه اكتفاء من الكهرباء، معظمهم وليس جميعهم، فإلى جانب اشتراك المولد كانت ألواح الطاقة البديل الأمثل لكهرباء “الدولة”، التي بغالبيتها في لبنان مستمدة من البواخر والمعامل الحرارية التي تنهب خزينة الدولة وجيبة المواطن.

والسؤال نفسه يتكرر دائماً: أين هي وعود الاعتماد والاتكال على الطاقة البديلة والصديقة للبيئة، والتي هي في الوقت نفسه توفر على جيبة المواطن والدولة؟ أين هي المعامل الكهرومائية؟

الحجار: المهم تطبيق القانون 462/2002

في حديث لموقع “لبنان الكبير” يوضح النائب السابق محمد الحجار أن “الطاقة المنتجة في المنازل وفي بعض المعامل والمصانع من ألواح الطاقة الشمسية المقدرة بـ 1000 ميغاواط لا تكفي حاجات لبنان من الكهرباء التي تقدر بـ3000 ميغاواط، اما المعامل الكهرومائية فتؤمن حالياً ما يقارب 200 ميغاواط من الطاقة”. لكنه يشير الى أن “هذه المعامل الكهرومائية في حال تطويرها وانشاء معامل إضافية، وطبعاً شركة كهرباء لبنان والدولة هما من تقومان بإنتاج الكهرباء من خلالها وعن طريق الطاقة الشمسية أيضاً، لوجود مناطق شاسعة في لبنان ومنها في البقاع، واستغلالها لإنشاء محطات لإنتاج الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية، عند ذلك من الممكن أن يكفي هذان المصدران لبنان”، مؤكداً أن هذا الأمر لكي يتحقق يستلزم تطبيق القانون رقم 462/2002.

ويكرر أن “وزراء الطاقة المتعاقبين كل واحد منهم لغاية معينة، ولكن الهدف لم يكن أبداً مصلحة لبنان واللبنانيين بل كان لأهداف خاصة بهم وبالمافيات التي تشغل بعضهم، منعوا تطبيق هذا القانون، الذي لو طبق منذ العام 2002، وكان الرئيس الشهيد رفيق الحريري وراء اقراره في البرلمان، لما كنا واجهنا هذه المشكلة التي نعاني منها اليوم، وكنا أصبحنا دولة تنتج طاقتها وتكتفي بها”.

ويعتبر أن “من المفترض اليوم التوجه الى تطبيق القانون رقم 462/2002، خصوصاً بعدما شاهدنا جميعاً وزراء التيار الوطني الحر وهم متمسكون بوزارة الطاقة منذ العام 2008 أي بحدود 15 سنة والقانون لم يطبق وهذا ما سبّب المشكلة في لبنان”.

وفي المقارنة بين لبنان والعالم، يلفت الحجار الى أن التوجه العالمي اليوم هو نحو الطاقة المتجددة أي النظيفة، والتي تكون مصادر الطاقة فيها هي الشمس أو الرياح أو المياه أو كلها مجتمعة لتأمين الحاجات الكهربائية، واصفاً المحاولات التي تحصل في لبنان بـ “الخجولة”.

وعن الطاقة الشمسية في لبنان، يقول: “الناس هي من بادرت الى هذه المهمة، لكن السؤال: من يستفيدون من الطاقة الشمسية، هل هم قادرون على رد الفائض منها الى الشبكة؟ بالتأكيد هذا الأمر لا يحصل بالصورة المطلوبة، هناك محاولات لهذا الموضوع وهو ما يستلزم ويتطلب تركيب عدادات خاصة، وهذا ما لا يتم بطريقة سلسة”. ويشدد على أن “المهم يبقى تطبيق القانون رقم 462/2002 ولا حل مستقبلياً الا بتطبيقه”.

في القرن الماضي أنشئ العديد من المحطات لانتاج الطاقة الكهرومائية، وكانت تعمل ويستفيد منها الناس، اما الآن فهي “مغيّبة”.

طعمة: حان الوقت للاهتمام بالمعامل الكهرومائية

ويتساءل رئيس اللجنة القانونية لمحاربة الفساد جاد طعمة المطلع على ملف الطاقة الكهرومائية: “ألم يحن الوقت للاهتمام بالمعامل الكهرومائية الموجودة على الأراضي اللبنانية وصيانتها، والابتعاد عن توليد الطاقة في المعامل الحرارية والتي هدفها السمسرات والسرقة وهدر المال العام؟”.

ويضيف: “معامل الليطاني هي الوحيدة التي تنتج الطاقة، هناك العديد من المعامل الموجودة ولا تعمل أو تنتج طاقة، ومنها معامل شبكة نهر البارد، معامل شبكة نهر إبراهيم… وغيرها. هذه المعامل لها قدرة على انتاج ما يقارب 288 ميغاواط، وتلعب دوراً في التوفير على الخزينة اللبنانية والمواطن”.

ويؤكد طعمة أن “تأهيل هذه المعامل وصيانتها يكلفان أقل بكثير مما يصرف على الطاقة في المعامل الحرارية، على الرغم من أنها غير كافية الا أن هذه المشاريع تؤمن جزءاً من الطاقة التي يحتاج اليها لبنان وهي ما يقارب الـ1500 ميغاواط، وهذه المعامل تؤمن حوالي 300 ميغاواط، لكنها تضع حداً للهدر والفساد اللذين يحصلان في تشغيل المعامل الحرارية”.

علوية: المعنيون يتسببون بهدر أكثر من 85 ميغاواط

أما المدير العام لمصلحة الليطاني سامي علوية فيشير الى أن معامل الطاقة الكهرومائية التي تخضع لنظام الامتياز أو التي تدار بواسطة مؤسسة كهرباء لبنان أو تتبع لمؤسسة مياه بيروت قد أهملتها الجهات المعنية ما يتسبب بهدر أكثر من 85 ميغاواط.

ويوضح أن “هذه المعامل هي معامل قاديشا الأربعة التي كانت تخضع لنظام الامتياز وأصبحت عائدة لمؤسسة كهرباء لبنان وقدرتها الانتاجية 21 ميغاواط وهي تعمل حالياً بقدرتها الدنيا بسبب عدم تجديدها، ومعمل حراش على نهر الكلب الذي يتبع لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان والمتوقف عن العمل منذ سنوات وبقدرة 2 ميغاواط، ومعامل البارد على نهر البارد بقدرة 18 ميغاواط التي تدار بواسطة الامتياز وتعمل بثلث قدرتها الانتاجية بسبب عدم التأهيل، ومعمل رشميا على نهر الصفا التابع لمؤسسة كهرباء لبنان بقدرة 14 ميغاواط والمتوقف عن العمل منذ ثلاث سنوات بسبب انهيار جبلي، ناهيك عن معامل امتياز نهر ابراهيم التي تعاني من الترهل وبحاجة الى التجديد وتبلغ قدرتها الاسمية 33 ميغاواط وتعمل بنصف قدرتها”، مؤكداً أنه “في حال تأهيل هذه المعامل وفقاً للمعايير التقنية العالمية فان بالإمكان مضاعفة انتاجها وزيادة جهوزيتها على الشبكة العامة”. 

خوري: 1700 ميغاواط الاحتياجات

وانطلاقاً من نقطة الطاقة الشمسية وكهرباء الدولة، كان المدير العام للمركز اللبناني لحفظ الطاقة بيار خوري لفت في حديث لـ”لبنان الكبير” الى أن احتياجات لبنان من الكهرباء قبل الأزمة وفق شركة كهرباء لبنان كانت تتراوح بين 3000 الى 3300 ميغاواط، قائلاً: “برأينا وكثير من الخبراء أن هذا الرقم غير صحيح بل أقل”.

وبحسب إحصاءات المركز اللبناني للطاقة، تخطى لبنان في حزيران 2023، الـ 1000 ميغاواط طاقة شمسية، و663 ميغاواط تم تركيبها عام 2022.

ويشير خوري الى أن الطلب اليوم على الكهرباء انخفض كثيراً بوجود الطاقة الشمسية، الى حدود 1700 ميغاواط، والمعامل الموجودة اليوم في مؤسسة كهرباء لبنان، إن اشتغلت جميعها تغطي الطلب.

ضرورة تشغيل المعامل

هذه المعلومات أكدتها مصادر متابعة لأوضاع هذه المعامل، مشيرة الى أنها تتطلب الصيانة، فمنذ فترة لم تخضع للتطوير والتحسين والصيانة، وتفتقد بعض التجهيزات الضرورية من توربينات وغيرها، وتأمين لوازمها وإعادة تشغيلها سيزيد من كمية الطاقة التي تنتجها.

وبحسب المصادر فان “هذه المعامل توقفت بسبب الإهمال وعدم تخصيص الأموال لها للصيانة ولاحتياجاتها الطبيعية والأساسية والضرورية، مع العلم أن كلفة صيانتها وإعادة تشغيلها، أوفر وأفضل للمواطن وللبيئة وللدولة تشغيلها بدلاً من شراء الفيول”، معتبرة أن “العائق الآن أصبح عدم توافر الأموال بسبب الأزمة، وانهيار الليرة أمام الدولار، فكلفة التشغيل والصيانة هي بالدولار، وفرضاً تم تشغيلها ستعطي نتيجة إيجابية، وعلى الأقل ستعطي أكثر من 10 ساعات متواصلة من الكهرباء، واليوم في ظل انتشار الطاقة الشمسية، سينعم اللبناني بكهرباء دائمة في حال الموازنة بين الطاقتين”.

شارك المقال