قروض الاسكان… “نافذة أمل” أم شروط تعجيزية؟

منى مروان العمري

هُنا في “بلد العجائب”، بات حلمُ اللبنانيين أن يتمتعوا بأقل ما يكمن امتلاكه: “السكن اللائق” أو “سيارة تمشي الحال”. ومن المعروف أن الطبقة الوسطى في لبنان تعتمد بصورة رئيسة على القروض، خصوصاً المتعلقة بالسكن. أما اليوم فالواقع يلعب بالطبقات ويضرب توازناتها ويذوّب منها، في دولة باتت فيها القدرة الشرائية شبه معدومة، مع غياب تام لسياسة إسكانية تُوفّر للمواطن حقّه بسقف يحميه من غدر الزمن.

الخبر الأخير تصدر متابعة اللبنانيين وعنوانه موافقة الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي على القرض العربي بقيمة 50 مليون دينار كويتي (165 مليون دولار) لمصرف الاسكان، وتمّت الموافقة على تسيير قرض الصندوق العربي على أن يُدفع على ثلاث مراحل.

وفي تصريحٍ سابق لمدير مصرف الاسكان أنطوان حبيب، أعلن أن القرض سيُغطي نحو 6000 وحدة سكنية على كل الأراضي اللبنانية، كما سيعمل على منصة سينطلق العمل بها في وقتٍ قريب. وبمجرّد عدم استيفاء الشخص الشروط، يُرفض الطلب تلقائياً منها. فهل تستفيد الطبقة الوسطى من “بوابة مصرف الإسكان”؟ هي الطبقة التي تحوّلت بفعل الأزمة إلى فقيرة، خصوصاً جراء سقوط قيمة الليرة اللبنانية، والانخفاض الكبير في قيمة الرواتب بالدولار الأميركي.

لكن على الرغم من ذلك، يقول الخبير الإقتصادي أحمد جابر لموقع “لبنان الكبير”: “المستفيدون كُثر، بدءاً من عملية إعادة تشغيل اليد العاملة في البناء وخلق فرص عمل جديدة ستسهم في إنعاش الدورة الاقتصادية التي نحن بحاجة اليها وهذا الأمر يمكن أن نعتبره مؤشراً ايجابياً للعجلة الاقتصادية التي بدأت تتحرك ولو بوتيرة ضعيفة في الوقت الراهن”.

أما بالنسبة الى أهمية استهداف الطبقة الوسطى بالقروض السكنية، فيؤكد جابر أن “منح مصرف الاسكان قروضاً سكنية لأصحاب الدخل المحدود سيعزز مكانة هذه الطبقة ويضمن بقاءها كونها طبقة حامية للقيم ووجودها صمّام أمان في المجتمع وتعمل على تعزيز السلم الأهلي في البلد”، لكنه يشير الى أن “القروض لن تكون متاحة للجميع فمقابل ارتفاع الطلب عليها هناك انخفاض في العرض، خصوصاً بعد الركود الكبير الذي شهده القطاع العقاري منذ 4 سنوات الى اليوم”.

وعما اذا كانت الطبقة المعدومة تنظر الى القروض باعتبارها “نافذة أمل”، يوضح مصدر متخصص بالشأن الاقتصادي لموقع “لبنان الكبير” أن “قيمة القرض ستكون 50 ألف دولار لذوي الدخل المتوسط و40 ألف دولار لذوي الدخل المحدود، ولكن المشكلة هو مدى التزام الطبقة المتوسطة بشروط القرض وايفائه ضمن المهلة المحددة”، لافتة الى أن “قرض الاسكان لا يمكن اعتباره نافذة أمل لأن من شروط الحصول عليه تخصيص ثلث راتب الأسرة لتسديد سند الاسكان الشهري، فهل لنا أن نتخيل كيف سيسدد اللبناني القرض في ظل وجود أولويات أهم بكثير من قرض الاسكان؟”.

ويرى المصدر أن “أزمة لبنان لا يحلّها قرض الاسكان، فالأزمة أعمق وأكبر من ذلك، ولكن يمكن أن يكون هذا المشروع خطوة ايجابية تخفف الضغط الكبير الذي يكابده الناس ويدعم الاقتصاد ويحفز على الاستثمار وبالتالي يؤدي الى زيادة النمو، ومع هذا فان لبنان بحاجة الى اصلاحات اقتصادية وهيكلية وحلول سياسية بالدرجة الأولى، وعندما تتوافر هذه الحلول يمكننا القول إن لبنان خرج من أزمته”.

شارك المقال