عاد ملف أموال حقوق السحب الخاصة (SDR) إلى الواجهة من جديد وسط الكثير من علامات الاستفهام حول كيفية إدارة هذه الأموال وصرفها ومدى انتهاك القوانين في عمليات الصرف. ومع تحويل لجنة المال والموازنة الملف إلى ديوان المحاسبة للتحقيق والمراجعة، تدخل أموال الـSDR، منعطفاً جديداً مع نفاد معظم قيمتها البالغة 1,135 مليار دولار حصل عليها لبنان من صندوق النقد الدولي في أيلول العام 2023 كجزء من حزمة دعم مالي لمواجهة الأزمة الاقتصادية.
تحرّك لجنة المال والموازنة جاء بالتوازي مع تراجع رصيد حقوق السحب الخاصة من 125 مليون دولار إلى 76 مليون دولار، وهو مبلغ لا يكفي لتغطية نفقات الحكومة لا سيما فاتورة الأدوية المخصصة للأمراض المزمنة والمستعصية. وبحسب رئيسها النائب إبراهيم كنعان، فإن صرف أموال حقوق السحب الخاصة من الحكومة تم بصورة مخالفة للقانون، لأنها لم تأتِ الى مجلس النواب ولم تحصل على موافقته، ولهذا قررت اللجنة إحالة ملف حقوق السحب الخاصة على ديوان المحاسبة، لوجود مخالفات فيه من فتح حسابات خاصة في مصرف لبنان الى عدم العودة الى مجلس النواب لقوننة الانفاق.
فما هي حقوق السحب الخاصة؟
الـ SDR هي عبارة عن أصل احتياطي دولي أنشأه صندوق النقد الدولي في العام 1969، وتعتبر وسيلة لزيادة السيولة في الاقتصادات العالمية وتعزيز التعاملات المالية الدولية، وتُخصص للبلدان الأعضاء في صندوق النقد بناءً على حصتهم في الصندوق ويمكن استخدامها لمساعدة الدول على تحسين موقفها المالي وتعزيز استقرار اقتصاداتها.
كيف صُرفت أموال الـ SDR بحسب أرقام وزارة المال؟
– دعم الأدوية: 478,315 مليون دولار بنسبة 45 في المئة.
– تسديد قروض خارجية: 163 مليوناً و518 ألف دولار بنسبة 15.38 في المئة.
– مؤسسة كهرباء لبنان: 162,175 مليون دولار بنسبة 15.25 في المئة.
– الفيول: 70 مليون دولار بنسبة 6.53 في المئة.
– دعم شراء القمح: 134 مليون دولار بنسبة 12.61 في المئة.
– تغطية نفقات خاصة لاصدار جوازات السفر: 13,250 مليون دولار بنسبة 1.25 في المئة.
– رسوم قانونية لوزارة العدل: 683,496 دولار بنسبة 0.06 في المئة.
– لقاء رسوم خاصة بحقوق السحب: 35 مليون دولار بنسبة 3.29 في المئة (SDR charges).
– نفقات لأشغال عامة: 7 ملايين دولار بنسبة 0.66 في المئة.
أسهمت أموال حقوق السحب الخاصة في إنقاذ الحكومة مرات عدة، ومعها احتياطات مصرف لبنان التي كان اللجوء إليها حتمياً آنذاك وممكناً في أي وقت، في حال عدم تأمين البديل عنها. وفي الوقت نفسه سدت هذه الأموال ثغرات تمويلية دولارية كانت مستعصية بسبب النقص في العملة الأجنبية، وخففت خلال العامين الماضيين عن كاهل اللبنانيين بعض الأحمال الثقيلة، مثل ديمومة الطحين في الأفران، والأدوية والباسبورات وغيرها.
اليوم، تواجه حكومة الرئيس نجيب ميقاتي مأزقاً لا تُحسد عليه يتجسد في نفاد أموال الـ SDR واستحالة حصولها على الدولار من مصرف لبنان، ليبقى السؤال من أين سيؤمن لبنان ما يحتاجه من الدولار في الأشهر القادمة لا سيما وأن كل الخيارات المتاحة أمامها تواجه تحديات كبيرة؟ كما أن الايرادات التي حصل عليها لبنان من الموسم السياحي في الصيف لن تكون قادرة على سد خزينة الدولة التي على الرغم من تحصيلها لبعض الايرادات، إلا أنها تبقى شحيحة ومن دون أي فاعلية.
لم يكن مستغرباً أن تصرف أموال الـ SDR على احتياجات لم تعد بالمنفعة المباشرة على الاقتصاد الوطني، فغياب مصادر العملة الخضراء أباح للحكومة صرفها بعيداً عن استثمارها في مشاريع مستدامة تعمل على تعزيز السيولة المالية، ليفقد لبنان مرة أخرى فرصة جديدة من فرص التمويل الدولي تحت عنوان الصرف العشوائي واللامسؤول.