إنفاق “السياح” يزيد 232% و”الكاش” ينافس المصرف

المحرر الاقتصادي

لم يمنع شبه فقدان الحاجات المعيشية والاستهلاكية الطبيعية في لبنان، مغتربيه من زيارة بلدهم دعماً، كما السياح من المجيء للاستفادة من الفارق الكبير بين صرف سعر الدولار والليرة اللبنانية. أعداد ما يسمى السياح زادت بنسبة تفوق الثلاثين في المئة في هذه الفترة مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي. وتشير أرقام مطار رفيق الحريري الدولي إلى أن معدل الوافدين إلى لبنان هو في تزايد مطرد، غالبيتهم من المغتربين اللبنانيين، بالاضافة إلى العراقيين الذين زادت أعدادهم بوتيرة لافتة حيث يأتون إلى لبنان للطبابة والاستشفاء، والمصريين والأردنيين. فوفق التقديرات، بلغ 10 آلاف راكب يومياً، وهي نسبة جيدة مقارنة بالعام 2018 أي قبل الانهيار المالي وانتشار جائحة “كورونا” حين كان يتجاوز الـ 16 ألفاً. فيما التوقعات بأن يقفل تموز على ارتفاع أكبر بكثير في أعداد الوافدين، وأن تستمر هذه الوتيرة في آب المقبل وخصوصاً إذا ترافق ذلك مع حلحلة للوضع الحكومي.

ولوحظ أن نسبة جيدة من الإشغال في ما تبقى من مطاعم لا تزال تعمل، على اعتبار أن العديد منها أقفل إما بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية أو لأنه تدمر بانفجار مرفأ بيروت والتي يربو عددها على الثلاثة آلاف. والأمر نفسه بالنسبة إلى المنتجعات السياحية التي وصلت إلى قدرتها الاستيعابية القصوى في معظم الأحيان.

هذه الايجابيات ستترجم بالتأكيد في منحى زيادة الإنفاق السياحي ولاسيما الإنفاق على التسوق. وكشف تقرير تصدره عادة “غلوبال بلو”، وهي الشركة المكلفة إرجاع الضريبة على القيمة المضافة  (TVA) للسياح والتي تعطي فكرة عن اتجاه التسوق عند السياح والوافدين وتطوره، أن نسبة الإنفاق على التسوق والخالي من الـTVA ارتفعت بـ232 في المئة في الاشهر الستة الأولى من العام مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020. وسيكون منحى هذا الإنفاق تصاعدياً مع الارتفاع الملحوظ في أعداد الوافدين والسياح في تموز. وقد تم الارتفاع الأكبر في نسبة الإنفاق السياحي خلال الربع الثاني من العام الجاري. أما توزيعه بحسب الفئات فشهد تحسناً ملحوظاً، وأظهر  أن الحصة الكبرى كانت للألبسة والأزياء وبنسبة 67 في المئة من المجموع العام، حيث زاد الإنفاق بنسبة 329 في المئة. يليه الإنفاق على شراء الساعات والمجوهرات التي كانت حصتها من مجموع الإنفاق العام 26 في المئة بزيادة نسبتها 166 في المئة. ومن ثم، مخازن الشراء الكبرى (حصتها 3 في المئة) والتي ارتفعت نسبة الإنفاق فيها بـ124 في المئة.

التقرير يظهر أيضاً أن الإماراتيين جاؤوا في طليعة المنفقين على التسوق في الاشهر الستة الاولى من العام، وبلغت حصتهم من مجمل هذا الإنفاق 21 في المئة بزيادة 375 في المئة عن الفترة نفسها من العام الماضي.

أما المفارقة فكانت أن السوريين جاؤوا في المرتبة الثانية (حصتهم 6 في المئة) بزيادة نسبته 87 في المئة، ما يطرح العديد من التساؤلات عن مصادر الأموال التي يأتي بها هؤلاء لينفقوا في لبنان، سيما وأن الوضع الاقتصادي في سوريا أكثر سوءاً مما هو عليه في لبنان.

وجاء السعوديون في المرتبة الثالثة، حيث شكّل إنفاقهم السياحي ما نسبته 6 في المئة من المجموع العام وبزيادة 47 في المئة، فالقطريون (6 في المئة من المجموع بزيادة 596 في المئة مقارنة بالعام الماضي)، فالمصريون (5 في المئة بزيادة 243 في المئة)، والكويتيون (3 في المئة بزيادة 163 في المئة).

اقتصاد “الكاش”

لطالما كان القطاع السياحي من بين القطاعات الاقتصادية الرائدة في لبنان، كونه يشكّل مصدراً رئيسياً للدخل والتوظيف. وقد بلغت مساهمة السفر والسياحة الإجمالية في الناتج المحلي الإجمالي19.5 في المئة في العام 2019 (أي حوالى 10.9 مليارات دولار).

إقرأ أيضاً: الدولار بعد الاعتذار… فرصة للمضاربين بلا سقف

وأهمية هذا القطاع أنه يعتبر مصدراً أساسياً لتأمين العملة الصعبة التي لطالما احتاج إليها لبنان لتغذية عجزه التوأم (عجز الموازنة والعجز التجاري). وقد كانت المبالغ التي تدخل إلى لبنان توجه إلى القطاع المصرفي وهو الأمر الذي يعزز الكتلة النقدية بالعملات الأجنبية. لكن ما يحصل اليوم أنه في ظل فقدان الثقة بالنظام المصرفي، فإن جميع التعاملات التي تحصل تكون نقدية ما يعزز “اقتصاد الكاش”. بمعنى آخر، فان المغترب أو السائح يقوم بتحويل الدولارات التي يملكها عبر أحد الصرافين ويدفع كل الخدمات التي يريدها نقداً، وهو ما يحرم القطاع المصرفي من “قوته”. من هنا، فإن إصلاح القطاع المصرفي ليستعيد ثقة غائبة به، هو أمر جوهري لأن أي نمو لن يتحقق في غياب قطاع مصرفي يعتبر عمود أي اقتصاد.

شارك المقال