اقتصاد العالم مهدد: 3 تحديات رئيسة

هدى علاء الدين

يستعد المنتدى الاقتصادي العالمي للانعقاد في مدينة دافوس السويسرية من 15 إلى 19 كانون الثاني الجاري، ويشارك فيه أكثر من 2500 شخص من جميع أنحاء العالم، بما في ذلك رؤساء الدول والحكومات، ورؤساء الشركات، والقادة المجتمعيون والأكاديميون.

وسيركز المنتدى على مجموعة واسعة من القضايا العالمية، بما في ذلك الحرب في أوكرانيا وآثارها على الاقتصاد العالمي، ارتفاع التضخم وأزمة الغذاء، تغير المناخ، التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية المتزايدة، والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. ومن المتوقع أن يكون المنتدى فرصة للزعماء العالميين لمناقشة هذه القضايا والتعاون في إيجاد حلول.

وفي هذا الاطار، أعلن المنتدى الاقتصادي العالمي أن المخاوف من استمرار أزمة تكاليف المعيشة، والمخاطر المتشابكة لانتشار المعلومات المضللة والخاطئة التي يحركها الذكاء الاصطناعي، والاستقطاب الاجتماعي هي أبرز المخاطر العالمية المتوقعة في العام الجديد إلى جانب التحديات البيئية الأطول أمداً، داعياً قادة العالم الى اعادة النظر في أسلوب التعامل مع المخاطر العالمية.

وحذر تقرير المخاطر العالمية 2024 الصادر عن المنتدى من وضع تنال فيه المخاطر العالمية تدريجياً مما حققته التنمية البشرية ما يجعل الدول والأفراد عرضة لمخاطر ناشئة ومتجددة، مشيراً إلى أن التعاون للتصدي للمشكلات العالمية العاجلة قد يكون دون المستوى المطلوب ما يتطلب اتباع أساليب جديدة.

التقرير الذي أعده المنتدى بالتعاون مع “مجموعة زوريخ للتأمين” ومؤسسة “مارش ماكلينان” الأميركية للخدمات المهنية، استند إلى استطلاع أجري في أيلول الماضي لآراء أكثر من 1400 من الخبراء وصانعي السياسات وقادة الصناعات المختلفة على مستوى العالم.

وقال التقرير: إن ثلثي المشاركين يتوقعون بزوغ نظام عالمي متعدد الأقطاب خلال السنوات العشر المقبلة تتنافس فيه القوى المتوسطة والكبيرة لتضع، بل وتفرض، قواعد وأعرافاً جديدة.

وأشار إلى أن العلاقة بين المعلومات المفبركة والاضطراب الاجتماعي ستحتل صدارة المشهد لا سيما مع إجراء الانتخابات في العديد من الدول ذات الاقتصادات الكبرى على مدى العامين المقبلين.

كما حذر من أن الصراعات المسلحة بين الدول هي من بين أكبر خمس مخاطر يواجهها العالم خلال العامين المقبلين، مضيفاً: في ضوء الصراعات الجارية في العالم بالفعل فإن التوترات الجيوسياسية الكامنة وتراجع قدرة المجتمعات على التحمل ستنشر عدوى الصراعات.

وبحسب التقرير، فإن 30 في المئة من المشاركين في الاستطلاع يتوقعون تزايد فرصة حدوث كوارث عالمية خلال العامين المقبلين، في حين يتوقع نحو الثلثين الأمر نفسه خلال السنوات العشر المقبلة.

عدم اليقين الاقتصادي

وفي هذا الاطار، قالت العضوة المنتدبة للمنتدى الاقتصادي العالمي، سعدية زاهدي إن نظاماً عالمياً غير مستقر يتسم بسرديات استقطابية وانعدام الأمن، والتداعيات المتزايدة للظروف المناخية القاسية، وعدم اليقين الاقتصادي كلها عوامل تؤدي الى انتشار مخاطر متسارعة، بما في ذلك حملات التضليل والمعلومات الخاطئة.

وأشارت إلى أن زعماء العالم يتعين عليهم توحيد الجهود لمعالجة الأزمات قصيرة الأجل ووضع أساس لمستقبل أكثر مرونة واستدامة وشمولاً.

ولفت التقرير إلى أن الأعوام المقبلة ستتسم باستمرار عدم اليقين الاقتصادي وتنامي الانقسامات الاقتصادية والتكنولوجية، مضيفاً أن غياب الفرص الاقتصادية يأتي في المرتبة السادسة بين مخاطر العامين المقبلين.

وفي المدى البعيد، من المحتمل أن تنشأ معوقات أمام الحراك الاقتصادي، تتسبب في حرمان قطاعات كبيرة من السكان من الفرص الاقتصادية. كما أن الدول المعرضة للنزاعات أو تغير المناخ قد تواجه عزلة متزايدة عن الاستثمار والتكنولوجيا وما يرتبط بذلك من توفير فرص العمل، وفي غياب سبل العيش الآمنة والمضمونة، قد يصبح الأفراد عرضة بصورة أكثر لارتكاب الجريمة والعمل العسكري والتطرف.

كذلك، فإن المخاطر البيئية تهيمن على المشهد في جميع الأطر الزمنية، بحيث أن ثلثي الخبراء العالميين يعتريهم القلق بشأن أحداث مناخية متطرفة في العام 2024.

وترتبط خمسة من أبرز عشرة مخاطر يواجهها العالم خلال السنوات العشر المقبلة بالتطرف المناخي والتغير الخطير في النظام الأرضي وفقدان التنوع البيولوجي وانهيار النظام البيئي ونقص الموارد الطبيعية والتلوث. غير أن الخبراء الذين شملهم الاستطلاع اختلفوا بشأن الحاجة الى تدخل عاجل لمواجهة تلك المخاطر، إذ يرى المشاركون من القطاع الخاص أن معظم المخاطر البيئية ستتجسد خلال فترة زمنية أطول مما يعتقده المجتمع المدني أو الحكومات، ما يشير إلى وجود خطر متزايد بتجاوز نقطة اللاعودة.

إجراءات وقائية عاجلة لمواجهة المخاطر الناشئة

أوصى التقرير قادة العالم بتركيز التعاون العالمي على سرعة وضع إجراءات وقائية لمواجهة المخاطر الناشئة ذات الأثر الأكبر، كتوقيع اتفاقات تنظم دمج الذكاء الاصطناعي في عملية صنع القرار المتعلق بالصراعات.

كما يشير التقرير إلى إجراءات أخرى لا تعتمد حصراً بالضرورة على التعاون العابر للحدود، مثل تعزيز مرونة الأفراد والدول من خلال حملات محو الأمية الرقمية بشأن المعلومات المضللة والخاطئة أو تعزيز عمليات البحث والتطوير في مجال النمذجة المناخية والتكنولوجيات التي من شأنها تسريع التحول في مجال الطاقة، وذلك بمشاركة القطاعين العام والخاص.

شارك المقال