غرف سوداء تتهم منشآت النفط… وتحمي المهربين

محمد شمس الدين

تسوِّق بعض الأطراف السياسية، إما مباشرةً أو عبر مناصريها، أو غرفها السوداء، حملات واسعة ضد منشأتي النفط في طرابلس والزهراني، وتتهمها بالاحتكار وبيع المحروقات إلى تجار السوق السوداء، وبما أنَّ المواطن كفر بكل المؤسسات التابعة للدولة، وتحديداً المتعلقة بالمحروقات، يسير بأي حملةٍ ضد أي مؤسسة بدون أن يكون لديه أي معلومات أو أدلة تدين المؤسسة.

اللبنانيون اليوم لم تكفهم مصائبهم، ففشل قطاع الــ “ما خلونا” بالكهرباء، زاد عليه فشل الحل المؤقت، المولدات، عدا عن طوابير الذل على المحطات التي بدأت تحصد الشهداء، فهل حقاً منشآت النفط هي المسؤولة عن الأزمة الأخيرة؟.

الزين: مخزون الطوارئ للأمن الصحي

ينفي مدير عام منشأة النفط في الزهراني زياد الزين في حديثٍ لــ “لبنان الكبير” المزاعم التي تطال المنشأة، ويضع الحملات في سياق التعمية على الحقائق، مرجحاً أن تكون هذه الحملات من المحتكرين والمهربين أنفسهم”.

وأكد أنَّ “منشأة الزهراني وزعت قبل فترة الأعياد المازوت وخلالها، من الهرمل إلى الناقورة، مروراً ببعبدا والضاحية الجنوبية وصيدا وإقليم الخروب وحاصبيا وكل ما بينها”، مشيراً إلى أنَّ “120 ألف ليتر مازوت تم تأمينها إلى كهرباء زحلة يوم الاثنين، الكمية التي وزعت هي حوالي الـ 7 ملايين ليتر، ولكن الآن نفدت الكمية، ومصرف لبنان لن يفتح اعتمادات قبل الثامن من آب، ولا يمكن للمنشأة التصرف بمخزون الطوارئ أو الاستراتيجي، وهي تمتلك فقط مليون ونصف مليون ليتر من المازوت للطوارئ، بعدما تسلمت مصلحة مياه لبنان الجنوبي 160 ألف ليتر من المازوت يوم الاثنين، ستكون الأولوية للمستشفيات”.

وأوضح الزين أنَّ “عدة مستشفيات تواصلت معه يوم الأربعاء، محذرين من إعادة طعم فايزر إلى وزارة الصحة، لأنه يتلف بلا تبريد”، مضيفاً: “العديد من المستشفيات تلقت مازوت من المنشأة، منها مستشفى بنت جبيل الحكومي، النبطية الراعي، وغيرها كثر، ولا يمكن الاستهتار بمخزون الطوارئ وتوزيعه عشوائياً، يجب إعطاء الأولوية للمستشفيات، التي أصبح بعضها لا يستطيع العمل بسبب أزمة المحروقات، وأًصبح الأمن الصحي في خطر”.

واعتبر الزين أنَّ “المخزون الاستراتيجي الخاص في الجيش في أدنى مستوياته، حيث إنه لا يتخطى الـ 9 ملايين ليتر بنزين، و23 مليون ليتر مازوت، وعندما طُلب من مصرف لبنان فتح اعتمادات لباخرة بنزين للجيش، وباخرة مازوت للمنشأة، لم يقبل إلا بفتح اعتمادٍ لباخرة مازوت واحدة، علماً أنَّ الاتفاق مع مصرف لبنان هو اعتمااين في الشهر لباخرتين”.

80 مليون ليتر مازوت لشركات كبرى

حصة منشأتي النفط في السوق هي فقط 30% من المازوت وفقاً للزين، و70% تذهب للشركات الكبرى، التي تمتلك اليوم 40 مليون ليتر من البنزين، وقريباً ستحصل الشركات على باخرة ثانية، ما يجعل كمية المازوت لديها 80 مليون ليتر، وهنا تساءل الزين، “في ظل هذه الأرقام، ما الهدف من الحملات على المنشآت؟، أليست الأولوية لمساءلة الشركات. أين يذهب مخزونها الكبير؟ تحديداً أنه في المنشآت الرقابة قاسية، حيث أنَّ وزارة الاقتصاد والقوى الأمنية يصلها تقرير مفصل عن كل عمليات التوزيع، عدا عن أنَّ جهاز الجمارك لديه مركز داخل المنشأة، ولا يخرج ليترٌ واحد من المنشأة إلا بختم الجمارك على الإيصال، وتعرف وجهة كل شحنة بالتفصيل”.

الرقابة لوزارة الاقتصاد والأجهزة الأمنية

لا سلطة للمنشأة على المحروقات بعد خروجها من المنشأة، الدور الرقابي هو لوزارة الاقتصاد والأجهزة الأمنية، وعندما تصل أي دعوى قضائية أو إشارة أمنية بحق شركات مخالفة، توقف المنشأة حصتها من السوق، وهذا الأمر حصل مع ثلاث شركات.

إقرأ أيضاً: اللواء ابراهيم لـ”لبنان الكبير”: اتفاقية نفط العراق ستعيد كهرباء لبنان الى ما قبل الأزمة

وشدد الزين على أنَّ “المنشأة لا تستلم نقوداً من أجل محروقاتها، بل توضع النقود في البنك من أجل فتح الاعتمادات، والمنشأة فقط تستلم وصلاً من البنك، لذلك فإن التلاعب غير ممكن، هناك 160 شركة توزيع معتمدة من المنشأة كي تحث على التنافس بينها وتمنع الاحتكار”.

لا احتكار ولا بيع غير شرعي

إذاً، يستحيل على المنشآت أن تكون متورطة بأي احتكار، أو عمليات بيع غير شرعية، كون مراقبة المنشآت من قبل وزارة الاقتصاد والأجهزة الأمنية والجمارك مشددة، بينما الشركات الكبرى يبدو أنَّ لديها هامش مناورة أكبر، ولا أحد يسأل مصلحة مياه، عن استهلاكها للمازوت، الذي هو أكثر من استهلاك قضاء زحلة كله، بينما تنتشر منشورات تشكر سياسيين وأحزاباً على تأمين المازوت لمنطقتهم، دون أن يُسأل عن مصدره، لقد تعود اللبنانيون على التجار الكبار وشركائهم من السياسيين، الذين يحرفون الأنظار عنهم بشن حملاتٍ ضد الآخرين، واليوم مع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي من السهولة سوق الحملات، تحديداً إذا كان هناك نواب احترفوا التغريد بدل التشريع، بينما تضج الصالونات بالأحاديث عن تورطهم بعمليات تهريب المحروقات والمواد المدعومة إلى الخارج.

شارك المقال