الأسر اللبنانية تحتاج إلى خمسة رواتب إضافية

هدى علاء الدين

بخطى واثقة، ينزلق لبنان إلى التضخم المفرط بعد أن شهدت اتجاهات الأسعار ارتفاعات جنونية منذ عامين في ظل انهيار غير مسبوق في العملة الوطنية التي فقدت أكثر من 95 في المئة من قيمتها. فلبنان الذي يشهد أسوأ انهيار اقتصادي ممنهج وصفته صحيفة وول ستريت جورنال بـ “انهيار القرن”، تعاني فيه الأسر والعائلات من ارتفاع كارثي في أسعار السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية بمعدلات تفوق بأضعاف مضاعفة قيمة الحد الأدنى للأجور التي تآكلت قيمتها بشكل دراماتيكي، لا سيما وأن معظم اللبنانيين يحصلون على أجورهم بالليرة اللبنانية.

في الاقتصاد، يُعد التضخم المفرط أو التضخم الجامح أحد أنواع التضخم الذي يحدث نتيجة زيادة عرض النقد في السوق ما يؤدي إلى انخفاض قيمته الشرائية، في حين يُعرفه الاقتصاديون بأنه الحالة التي يزيد فيها معدل الزيادة في الأسعار عن 50 في المئة شهرياً، والذي يُعتبر بشكل عام معدلاً مرتفعاً جداً للزيادة في أسعار السلع والخدمات.

وبحسب آخر الأرقام، فقد ارتفعت أسعار جميع السلع والمواد الغذائية والاستهلاكية بنسب كبيرة جداً منذ نهاية شهر تشرين الثاني 2019 وحتى نهاية شهر تموز الماضي، الأمر الذي تسبب برفع كلفة السلة الغذائية والاستهلاكية لأسرة مؤلفة من 5 أفراد من 450 ألف ليرة شهرياً إلى 2.5 مليوني ليرة أي ارتفاع بنسبة 455 في المئة. عوامل عديدة وراء هذا المنحى التصاعدي أبرزها إرتفاع سعر صرف الدولار والعملات الأجنبية مقابل الليرة اللبنانية لا سيما وأن 85-90 في المئة من السلع الاستهلاكية مستوردة من الخارج، وارتفاع أسعار بعض السلع في الخارج نظراً لانخفاض الإنتاج بسبب الإغلاق نتيجة تفشي جائحة كورونا، فضلاً عن الاحتكار ورغبة التجار بتحقيق المزيد من الأرباح في ظل انعدام الرقابة الحكومية.

وبعدما تمّ جمع أسعار عدة أصناف من السلعة الواحدة في عدة مخازن في شهر تشرين الثاني 2019 ومقارنتها بالأسعار في نهاية شهر تموز الماضي من أجل احتساب نسبة الارتفاع، شهدت هذه النسب تفاوتاً بين سلعة وأخرى، بحيث سجل الخبز ارتفاعاً بنسبة 184 في المئة، زيت الزيتون 500 في المئة، الزيت النباتي 131 في المئة، السكر 500 في المئة، الأرز 575 في المئة، العدس 475 في المئة، الحمص 600 في المئة، الفول 500 في المئة ، الطون 520 في المئة، الأسماك 1,150 في المئة، اللحوم 800 في المئة، الدجاج 566 في المئة، البيض 775 في المئة، الألبان والأجبان 500 في المئة، المنظفات 420 في المئة والكلينكس 300 في المئة.

وكان تقرير مرصد الأزمة في الجامعة الأميركية في بيروت الذي صدر منتصف تموز الفائت، قد أظهر الارتفاعات الكبيرة في كلفة الغذاء والحاجات الأساسية من خلال مقارنة مؤشر الأسعار خلال السنتين الماضيتين، بحيث ارتفعت أسعار عشر سلع غذائية أساسية كالخضار والحبوب والألبان، ولحم البقر والبيض والزيت أكثر من 700 في المئة منذ تموز من العام 2019، أي قبل الانهيار المالي والاقتصادي.

عملياً، تحتاج الأسر اللبنانية اليوم إلى خمسة رواتب إضافية من أجل الصمود في وجه جنون التضخم والأسعار، وربما أكثر في ظل غياب الرقابة وتفلّت سعر صرف الدولار وتنفيذ قرار رفع الدعم. ومع تسجيل الحد الأدنى للأجور ما يقارب

الـ32 دولاراً شهرياً بحسب سعر الصرف في السوق السوداء بعد أن كان 450 دولاراً على سعر صرف الدولار 1515 ليرة، ومع استمرار تدهور العملة الوطنية وخسارتها لقدرتها الشرائية، تعيش معظم الأسر اللبنانية أياماً صعبة بسبب عدم قدرتها على تأمين قوتها الغذائي اليومي بالحد الأدنى، فأسعار المواد الغذائية الأساسية ارتفعت وحدها بأكثر من 50 في المئة في أقل من شهر وفق جداول أسعار وزارة الاقتصاد والتجارة، ناهيك عن تكاليف المياه والكهرباء والدواء والغاز والبنزين والمازوت الذي سينعكس قرار رفع الدعم على أسعارها وتكلفتها بشكل موجعٍ لن تستطيع تحمله بعد الآن.

شارك المقال