مؤسسات طرابلسية ضخمة مهدّدة بإغلاق أبوابها… ماذا عن الـ “ABC”؟

إسراء ديب
إسراء ديب

منذ انطلاق ثورة ” 17 تشرين” عام 2019 وظهور وانتشار وباء كورونا، أعلنت العشرات من المؤسسات التجارية في مدينة طرابلس، الصغيرة منها والكبيرة، استسلامها لتردّي الوضع الاقتصادي الذي بات حملًا ثقيلًا على كلّ أهالي المدينة الغني فيها أو الفقير، لتأتي الأزمات الاقتصادية الأخيرة لا سيما مع تفاقم أزمة المازوت المستجدّة، لتقضي أيضًا على مؤسسات جديدة أغلقت أبوابها حتّى إشعار آخر، بسبب عجزها عن تحمّل ما لا طاقة لها به.

قصر الحلو: نخشى على جودتنا

مؤخرًا، نشر قصر الحلو عبد الرحمن الحلّاب وأولاده بيانًا يُعلن فيه إغلاق أبواب المؤسسة حتّى إشعار آخر، بسبب نفاد مادّة المازوت، ما يُفسد نوعية المواد الأوّلية التي تُقدّم للزبائن في لبنان وخارجه. وهو خبر كان قد أثار غضب الكثير من رواد هذا المكان الذي يُعدّ تاريخيًا وأساسيًا في حياة أي طرابلسيّ أو أي زائر يُدرك أهمّية هذا القصر وما يحمله من رمزية كبرى، كما خوفًا على مصير المئات من الموظفين الذين يعملون في هذه المؤسسة.

إنّ هذا الإعلان الذي انتشر سريعًا على مواقع التواصل الاجتماعي لم يستمرّ طويلًا، إذ بعد إجراء الإدارة اتصالات مختلفة تمكّنت من تأمين مادّة المازوت، معلنة عبر صفحتها الرسمية أنّها ستستمرّ بعملها على الرّغم من الظروف إلى حين نهاية وإنفاق مخزون المازوت، أي أنّه في حال لم يتمّ تأمين المزيد من هذه المادّة قد نعود لنسمع من جديد خبر إقفال أبواب أهم المؤسسات في طرابلس، وهذا ما يُؤكّده مدير العلاقات العامّة في الحلاب الإعلامي بلال يحيى، ويقول لـ” لبنان الكبير”: “نواجه مثلنا مثل أي مؤسسة في لبنان، أزمة في شح مادتيّ المازوت والبنزين وهي أزمة خطيرة، نظرًا لقدرتها على إفساد المواد المستخدمة، كما أن المؤسسة لن تتمكّن من تشغيل براداتها أو استخدام سياراتها وغيرها من التدابير التي تحتاج حتمًا إلى المحروقات…”.

ويُضيف: “الإدارة تطلب المحروقات بشكلٍ قانونيّ وهي لا تلجأ أبدًا إلى السوق السوداء التي لو اعتمدنا عليها في الواقع، سنضطر إلى رفع الأسعار 4 أضعاف، وهذا لن يُناسب الزبائن أبدًا، ونحن نحرص عليهم قدر الإمكان، فمن يتمكّن مثلًا من شراء كعكة بكنافة بـ 100 ألف ليرة لبنانية؟”.

وعن قيام البعض بنشر أخبار تُشير إلى تفسير كلمة إغلاق أبواب المؤسسة على أنّها إفلاس، يردّ يحيى قائلَا: “إن الإعلان لا يعني الإفلاس أبدًا، بل يُشير إلى أن الأزمة تُقفل أبواب المؤسسة لحين إيجاد حلّ ولو كان مؤقتًا”.

ويُشدّد على أن المؤسسة تحرص على موظفيها ولا تتخلّى عنهم في هذه الظروف، متمنّيًا خروج البلاد من أزمة عنق الزجاجة التي أوصلتنا إلى المهالك وأسوأ الظروف المعيشية.

السوبر ماركات مهدّدة أيضًا

تنعكس الأوضاع المتردّية التي يُواجهها اللبنانيون سلبًا على السوبر ماركات في طرابلس، فبعد إقفال العديد من المحلات التجارية المختلفة نظرًا لعجزها عن تحمّل تداعيات الازمة الاقتصادية، يبدو أن السوبر ماركات ستتوجه أيضًا إلى الإغلاق أو إلى البيع بطريقة مختلفة، وذلك لأنّ غياب مادّة المازوت لا يسمح بالعمل بشكلٍ طبيعيّ، وذلك خوفًا على جودة المنتجات والبضائع.

وكانت إدارة سوبرماركت “غولدن الجمل” قد أعلنت عن إقفال فرعها في القبة، أمّا إدارة “الهوز مول” في ضهر العين، فهي تعمل جاهدة لتفتح أبوابها يوميًا، ولكنّها غيّرت جزئيًا طريقة بيعها، إذ تقوم ببيع كلّ المنتجات ما عدا المبرّدة منها. وفي حديث مع أحد العاملين فيها، يقول لـ”لبنان الكبير”: “لا تزال أبوابنا مفتوحة حتّى هذه اللحظة، ولكن مع غياب الكهرباء تراجعت المنتجات التي تحتاج إلى برادات في مركزنا، ولكنّنا سنعمل على الاستمرار قدر الإمكان علّها تُفرج قريبًا”.

فاضل: مستمرّون ولكن

تُعدّ شركة الـ”ABC” من أهم الشركات التي بدأت من مدينة طرابلس، ولها فروع في مناطق لبنانية مختلفة، ولكنّها واجهت كما تُواجه أي مؤسسة تجارية أزمة اقتصادية وغياب المازوت عنوانها أيضًا.

وتقول رئيسة مجلس إدارة الشركة ديانا فاضل لـ”لبنان الكبير”:

“نواجه مشاكل كثيرة في الآونة الأخيرة، وأبرزها المازوت، إذ نقوم بتقليص ساعات العمل (تقليص 4 ساعات) مع تخفيف التكييف مثلًا للتأقلم مع مخزون هذه المادّة، كما أن المبيعات كانت قد تراجعت كثيرًا مؤخرًا بسبب تراجع القدرة الشرائية لدى الشعب اللبناني بعد أحداث 17 تشرين الأوّل، وانتشار الوباء فضلًا عن انفجار مرفأ بيروت يوم 4 آب وما رافقه من تداعيات اقتصادية كارثية”.

وتصف فاضل هذه الشركة بأنّها شبيهة بـ”قلعة بعلبك” بسبب قيمتها وتاريخها، معتبرة أن الفرع الرئيسي الموجود في طرابلس هو خطّ أحمر ولن يُقفل بأيّ شكلٍ من الأشكال.

وعن الموظفين وواقع العمل مؤخرًا، تُشدّد فاضل على أنّه لا خطر يُهدّد حتّى اللحظة الشركة أو موظفيها الذين تبلغ نسبة الطرابلسيين بينهم حوالي 10 في المائة، وتقول: “ندفع حاليًا لموظفينا بالـ(فريش) دولار نسبيًا بحسب وظيفته وحاجتنا إليه”.

إذًا، ليس خافيًا أن كلّ هذه السيناريوات تُشير إلى أن الأوضاع الاقتصادية لم تعد على ما يُرام، وأنّ مؤسساتنا التجارية ستكون بخطر عندما تتمادى هذه المشاكل أكثر فأكثر. ومهما حاول السياسيون “ترقيع” هذه الأزمة، إلا أنّها تمكّنت من ترك بصمة فريدة من نوعها بالقساوة والظلم والتي لا تُنسى أبدًا، لا سيما بعد طرد كثير من الموظفين تعسفيًا عند إقفال أي مؤسسة دون أي تعويض يُذكر يُسهم في مساعدتهم علّهم يجدون عملًا آخر في هذه الأجواء التي تسودها البطالة والحزن.

شارك المقال